الخميس، 3 مارس 2016

قراءة صحيحة للهجرة الوافدة



منذ نحو العامين، تنتظم الصحف والدوائر شبه الرسمية والمؤتمرات المتواترة حملة تستهدف الهجرة الوافدة دراسة واستقصاءً. وهو أمر محمود بلا شك، بيد أن ما يدهش في الأمر ويثير علامات استفهام حائرة، أن هذه الحملة تستهدف في جُلها إن لم يكن في أجمعها، الهجرة الوافدة من الشرق والمؤشرات الواردة من قبلها تفيد بأنها هجرة مقننة أي مرصودة في جانب السجلات والمستندات والوثائق وإفرازاتها السالبة جد محدودة وتتمثل في غالبها في جرائم فردية إلا في ما يتصل بالاتجار بالبشر وهذه أيضاً لا يديرها هؤلاء الوافدون بقدر ما يكونون هم أنفسهم من ضحاياها. خاصية أخرى يتسم بها الوافدون من قبل المشرق، أنهم لا ينحون إلى الحصول على الجنسية السودانية ولا يسلكون في سبيل ذلك المسالك، بيد أن الهجرة التي تمثل مهدداً سالباً بالغ الخطورة في مناحي الأمن والاجتماع والديموغرافيا، إنما هي الهجرة الوافدة من غرب إفريقيا. لقد أمست هذه الهجرة تكتلاً يحمل خصائص جديرة بالتحليل والتوقف عندها بجدية كافية قبل أن تصبح أعسر معالجة وأشد عضولاً مما هي عليه الآن.
أكثر ما يسم هذه الهجرة ويضعها في خانة المهدد الأمني والاقتصادي أنها هجرة تنحو إلى التكتل وتنتهج منهج الكنتونات الاقتصادية غير آبهة تماماً بحق الاستضافة ولا قوانين البلد المستضيف. فكما تتخذ هذه الهجرات الوافدة مثابات منفصلة لإقامتها منفردة ومحتكرة لحقلها الجغرافي، تتجه بإصرار أيضاً للتكتل الاقتصادي وقد امتلكت في مناطق عدة النشاط الاقتصادي في تجارة الخضر والفاكهة في مناطق عديدة، مثل أبو جبيهة وجنوب النيل الأزرق، شاملة في ذلك مراكز اقتصادية تميزت بالحيوية مثل سنجة والدندر وسنار والفاو وفي الطريق أيضاً الأبيض والقضارف، وتسير لمناطق أروما ووقر وشرقي البطانة سيراً حثيثاً نحو هذه الظاهرة الاقتصادية. وقد يبدو أن هذا الأمر حميد طالما أنه يمضي في صالح الإنتاج، لكن ما ينبغي أن يُعرف أن هذه الكنتونات طالما أنها تحتفظ بانتمائها وولائها الإثني، فهي أكثر خطراً على الاقتصاد والقرار الوطني مما تقدمه من خدمة في جانب الإنتاج. وما يحدث الآن بين كنتونات الصينيين ورأس المال الوطني في إندونيسيا، مثال للمسار الحتمي لمثل هذا السلوك الاقتصادي. لقد أصبحت الكنتونات الصينية قوة اقتصادية تطيح بأي تكوين اقتصادي وطني ينذر بالنمو ولا تستنكف أن تسلك في سبيل ذلك أساليب مخالفة للقانون، بل إنها في بعض منحاها تلجأ إلى اختطاف أصحاب الرساميل الوطنية أو من ينتمون إليهم ويهددون بقتلهم، إن لم يدفع ذووهم فدايا تكون من الفداحة بحيث أنها تقضي على رأس المال العامل للمعني بالفدية.
هذا لا يختلف كثيراً مما أطل برأسه الآن في بعض مناطق الإنتاج. ولا بأس من إيراد مثالين سبق أن أوردتهما في مقالة مماثلة، فقد حكى لي أحد من يمتون لي بصلة القرابة وقد كان ممن أحيل لتقاعد مبكر للأسباب المعلومة، أنه اتجه بعد ذلك بما ناله من استحقاق مالي عن خدمته السابقة للاستثمار في (جنينة) ورثها عن والده، ويقول إنه في أول إنتاج له من فاكهة الموز، اتجه به إلى سوق سنجة وهناك لم يجد من يقوم بالشراء سوى هؤلاء الوافدين، وقد مر على عدد منهم لكي يشتروا منه ما يحمل من إنتاج فكانت كل الأسعار التي عُرضت عليه لا تكفي في أفضلها حتى لتغطية تكلفة ترحيل (اللوري) الذي جاء به. ويقول إنه في سبيل توفير تكلفة الترحيل أضطر أن يمكث بسوق سنجة لمدة ثلاثة أيام ويبيع ما يحمله بسعر (القطاعي) وأنه كان يضطر للمبيت إلى جانب اللوري. ويقول بعد ذلك اقتنع بعدم جدوى بما يقوم به في ظل احتكار لا يرعى في المنتج إلاً ولا ذمة، تقويماً من السحنة والانتماء، فقد كان السعر حاضراً على شفاه من يلتقيهم بمجرد أن يروا سحنته. وأشير إلى أن قريبي هذا قد هجر العمل بجنينة والده وهو يعمل الآن مصمماً بالصحف وقد يضطر إلي بيع إرثه عن والده ليشتريه ذات هؤلاء الوافدين وهذا ما فعله أغلب من كانوا يعملون في جانب إنتاج الخضر والفاكهة في تلك المنطقة، بل إن جروف الأرض الخصيبة المعطاءة أصبح أغلبها في يد هؤلاء الوافدين يأساً من أهل المنطقة جراء ما حل بهم من نوع مستقبح من التجارة تستهدف الآخر وتسعى إلى إخراجه من السوق المجزي والعادل.
إن ذلك يمثل ذات ماحكاه لي أحد قدامى إداريي تلك المنطقة حين قال إن هؤلاء الوافدين استطاعوا بتوحيد رؤوس أموالهم أن يسيطروا على مداخل سوق الفاكهة ومن أجل ذلك أنشأوا المخازن الواسعة ليشتروا الإنتاج بأزهد الأثمان وليبيعوها للمستهلك بأعلاها. وأنهم في طريقهم للاستيلاء على وسائل النقل حتى يحكموا سيطرتهم على كامل أدوات الاحتكار. وفي حديث تناول ذات المنحي ذكر لي أحد أقربائي أيضاً أنه لحظ كثافة الوجود الأجنبي بسوق أبو جبيهة وعندما أبدى ملاحظة بذلك لبعض الحاضرين إذا ببعضهم يروي لهم ما تعرض له مرة من قبل هؤلاء الوافدين حيث ذكر أنه في موسم إنتاج (المنقة) أراد أن يستثمر بعض ماله في الاتجار بها رغم تحذير الآخرين له فاشترى منها بقدر حمولة لوري واتفق من بعد مع أحد سائقي اللواري لترحيل الحمولة حتى الخرطوم وكان السائق من هؤلاء الوافدين. ويقول الراوي أنه بعد تحركهم وفي طريق ناءٍ توقفت العربة ويقول إن السائق بدأ مراجعة العربة وبعد عدة ساعات أخبره بأن عطلاً قد أصاب العربة وأنه يحتاج إلى مبلغ كذا لشراء الأسبير وكان المبلغ كبيراً وبالعدم عليه انتظار عربة أخرى تمر بالمنطقة (ليقلب) بها الحمولة ليواصل بها إلى نهاية مشواره. ويقول إنه بعد ذلك انتظر طويلاً فكانت كل العربات التي تمر تأتي وهي محملة ولا مكان فيها لمزيد من الحمل. ولما انقضت ساعات دون نتيجة ما اقترح عليه سائق اللوري أن يشتري منه الحمولة بسعر يقل كثيراً عن السعر الذي اشتراها به هو نفسه. ويقول إنه بعد تفكير وجد أن خسارته ربما تماثل خسارته لو أنه رجع إلى أبو جبيهة وعاد بعربة أخرى ومعها حمالون (ليقلبوا) البضاعة فيها وأنه خلال ذلك ربما تعرضت الحمولة إلى التلف بسبب سخونة الجو مما سيؤثر على سعر مبيعها، ويقول إنه وافق على بيع الحمولة للسائق بالسعر الذي حدده له وما يدهش في الأمر أن المتحدث بعد أن تقاضى السعر المجحف تحركت العربة بعد «مجهود» يسير بذله السائق لإصلاحها.
ذلك لا يختلف كثيراً على الصعيد الأخلاقي مما أوردته قبل في مقالة مماثلة ولا بأس من إيراده الآن، خلال الثمانينيات كنت أعمل سكرتيراً لقائد المنطقة العسكرية بالأبيض فاتصل بي تلفونياً المرحوم المهندس إبراهيم الخليل وأخطرني بأن المهندس المسؤول من مخزون المياه (بفولة الحكومة) كما يدعونها آنذاك سيتصل بي بشأن تيسير طائرة هيلوكوبتر لتقله في رحلة قصيرة حول الأبيض بطول مجرى (خور بقرة) وحتى مورد المياه (بود البغا). وشرح لي الأمر بأن مهندس إدارة المياه شكا له بأن معدلات الخريف أكثر من جيدة ومع ذلك فإن مخزون المياه دون المعدل المفترض في ذلك التوقيت من الخريف واعتقد أن ذلك كان في أغسطس حسبما أذكر. الصديق المهندس إبراهيم الخليل - رحمه الله - من أذكى من عرفت من الناس وأعرفهم بالحياة ومن أغزر الناس ثقافة، أفهم المهندس الآخر أن ذلك سيكون بسبب أن بعض الوافدين درجوا على إقامة (متاريس) في مجرى الخور الرئيس ليدخلوا المياه إلى مزارعهم مما يفضي إلى تقليل الوارد من المياه إلى الفولة الرئيسة. وبالفعل وبعد قيام مهندس إدارة المياه بالرحلة المذكورة بالطائرة وجد الأمر على نحو ما ذكره المهندس إبراهيم الخليل وبعد أن حددت مواقع المتاريس من الجو عاد المهندس مصطحباً قوة من الشرطة ليلزموا أصحابها بإزالتها ليعود معدل المياه إلى القراءة المعيارية المفترضة.
الشاهد هنا هو مدى استخفاف هؤلاء الوافدين بقوانين البلاد المستضيفة لهم، بل واستخفافهم بإنسانها وما قد يتعرض له من كوارث بسبب سلوك ذاتي ممعن في الزراية بالآخر. فكل من يقطن بتلك المنطقة يعلم بالقوانين التي تحظر ذلك التصرف من لدن الإدارة البريطانية وحتى ما بعدها، ولكن يبدو أن البعض لا تكفيه القوانين ولا يرتدع بمثل ما يمكن أن يحل بمدينة كالأبيض إذا ما تعرضت للعطش.
نظرة واحدة إلى مركز مدينة الخرطوم يكفي ليعلم المرء مدى استخفاف هؤلاء الوافدين بقوانين ومظهر بلادنا المستضيفة لهم. فكم من الحملات شنت لتوقف عمليات البيع على الأرصفة واحتلالها بما يعيق حركة السائرين والآليات بأنواعها، وبما يشوه مظهر المدينة فيعود المشهد عقب كل حملة بمثل ما كان عليه، بل إن أعدادهم تشهد زيادات و لا تنقص مثل ما نشهد حول عمارة الذهب حتى أصبح الحق الأول لهم، بل شهدت من لا يستطيع أن (يركن) عربته والبائعات والبائعون باقون في أماكنهم لا يريمون في مشهد يشي بقمة الزراية بالبلاد وبمواطنها الخلوق الصابر على أصناف البلايا. لكننا نتوجه بالسؤال إلى من بيدهم الأمر من مسؤولينا، هل يستطيع أي مواطن سوداني أن يمارس البيع في وسط أية مدينة من مدن أقطار الجوار دون إذن رسمي؟ وهل تستطيع امرأة سودانية أن تحتل مسارات السائرين في المواقف العامة وتنشر بضاعتها حيثما تريد وتمارس البيع مطمئنة ثم تلقي بمخلفات ما تبيعه كيفما اتفق؟ ودون الناس ما حدث لتجار الذهب السودانيين في دولة جارة ودون الناس أيضاً ما حدث لابن الشيخ علي بيتاي على مدى شهور مما اقتضى تدخل رئيس الجمهورية نفسه. ونضيف؛ هل ما يجري في الميناء البري في الأعياد والعطل الرسمية تسمح به أيما دولة مهما بلغ الأمر من تسامح وتنزه عن نزعات الجهوية والاستعلاء القومي؟ وهل ما يجري الآن من احتلال في وسط الخرطوم للمنازل التي هجرت في أعقاب حرب 67 وفي أعقاب قرار حكومة مايو بالتأميم إلا دليل على صمت السلطات إن لم يكن ضعفها، كما هو دليل على أن جهات بداخل الجهاز الحكومي تزلل لمثل هؤلاء إدخال الكهرباء والمياه لمنازل هجرت منذ أكثر من أربعين عاماً ومثل ذلك ما يجري لمنازل مشروع الجزيرة المهجورة أيضاً ما هو مسمى صمت السلطات على مثل هذا السلوك وما هي الحكمة الخافية في ذلك؟ ومن يمنح هؤلاء الوافدين إشارات بعدم التصرف إزاءهم حتى يسلكوا على هذا المنحى المطمئن والذي يكفي في أية دولة أخرى ليحاكم مرتكبوه ويهجروا إلى أوطانهم.
إن ملامح التنظيم لا تخفى في مجمل سلوك هؤلاء الوافدين كما أن التواطؤ من قبل بعض الجهات حاضر بقوة أيضاً. مثال ذلك ما يرد الآن من بعض دول الخليج والسعودية بمن يتسول وهو يرتدي الزي السوداني الرجالي منه والنسائي أيضاً وباللهجة السودانية بينما السحنة تشي بانتماء هؤلاء الحقيقي وربما يكونون يحملون الجنسية السودانية أيضاً.
أحد الأحداث الداوية التي حملنا خزيها أمام الإعلام العربي ما عُرف بسفاح اليمن السوداني ذلك السفاح الذي قضى على ما يقرب من العشرين فتاة كأبشع ما يكون القتل، يقول د. الكوباني -المدير الأسبق لمشرحة الخرطوم- عقب الحادث في إحدى الصحف «عرفته عندما كنا نضطر إلى نبش أحد القبور في مقبرة فاروق. كان يأتي لمعاونتنا ولحظت أنه بادي الثبات حال التعامل مع الجثث المتحللة أو شديدة التعفن. علمت أنه يقطن المقابر مع زوجته وطفل أو طفلين وذكر أنه قادم من إحدى دول الجوار ولا معارف له بالخرطوم كما لم يكن يحسن اللغة العربية ولذلك فهو يقيم بالمقابر.» ويقول د. كوباني إنه عرض عليه العمل خفيراً بالمشرحة إذ كانت المشرحة بلا خفير آنئذ وبعد موافقته استخرج له تصديقاً بالعمل من إدارة المستشفى ومن ثم مارس العمل بالمشرحة ويضيف د.كوباني أنه لا علم له كيف حصل المذكور على جواز سوداني وشهادة بأنه فني مشرحة. تلك الشهادة عمل بها في الجامعة اليمنية. أترك كل التساؤلات الواجبة هنا للقارئ الكريم وليربطها بما لديه من تجارب ومعلومات لا شك أنها تدور بذهنه.
الأيدي الخفية، أو فلنقل العمل المنظم يفرض نفسه بقوة على المشهد ومن ثم وبذات القوة فإن مقترح إعادة النظر في إجراءات وقوانين منح الجنسية السودانية أو الرقم الوطني الآن يطرح نفسه بذات القوة، ذلك مقترناً بشواهد أخرى. قبل أيام فقط، ناشد مواطن من أبناء الدندر وزير الزراعة والغابات الاتحادي للتدخل لإيقاف احتلال إثنية لغابة بمنطقة الدندر. هذه الإثنية لم تكن من العناصر السكانية التاريخية بالمنطقة وقد احتلوا هذه الغابة والتي كانت حقاً مشاعاً لكل أبناء المنطقة يمارسون فيها الرعي والزراعة المحدودة دون أن يحجر أحد على أحد ولكن القادمين الجدد منعوا الآخرين من ممارسة كل نشاط بتلك الغابة بزعم أنها منحت لهم. من الذي يمنح مثل هذا الحق لوافدين أو لغيرهم وبأية سلطات ولماذا لهذه الإثنية دون غيرها؟.
هذا المثال ليس جديداً فمن قبل كان بمنطقة أبي نعامة حقل من البطيخ نما بما يعرف في تلك الجهات (بالبروس)، وهو أمر معلوم لدى علماء النبات أي انتشار البذور عن طريق الحيوانات أو الرياح أو أية وسيلة انتقال طبيعية أخرى. كان الحقل حقاً مشاعاً للجميع فكان كل من يمتلك أجرة الترحيل وأجرة العمال يأتي إلى ذلك الحقل وينقل منه ما وسعته إمكاناته إلى الأسواق القريبة إلى أن تنبهت إحدى الإثنيات لما يجري فحجروه على غيرهم بتلك الروح التي لا تعترف بالآخر حتى ولو كان صاحب الأرض والحق الأول.
روح التنظيم الخفي تتبدى في تلك القدرة على استكشاف المناطق ذات الخصوبة ومصادر المياه المتوفرة مسطحات كانت أو في أغوار الأرض على امتداد السودان عشرات القرى التي تنمو في أزمنة قياسية لا تبررها معدلات النمو الديمغرافي الطبيعي. كيف تنمو قرية في عشر سنوات ليبلغ سكانها نحو الألفين أو الثلاثة ومن إثنية واحدة لا غيرها ما هو التفسير سوى أن هؤلاء هناك من دلهم و وفر لهم المعلومات المطلوبة ليبدءوا إقامة ترتبط بنشاط اقتصادي تتوفر له كل الظروف المطلوبة. بوسع المرء أن يعدد عشرات القري نمت بهذه الشاكلة في الحدود الشرقية وفي سنار والنيل الأزرق والفاو ثم الأراضي البيضاء في الجزيرة كما يسميها الصحافي الأستاذ الفاتح محمد الأمين ليبقى السؤال أيضاً من أين أتوا وكيف؟
من تصريحات المسؤولين ما يمثل شهادات تلقي بدورها أضواءً على جوانب تكمل مشهد هذا الموزاييك الذي يزداد تجسداً على مر الأيام. فقد ظل مسؤولون في قمة الأجهزة والإدارات المالية طوال سنوات من لدن إبراهيم منعم منصور وحتى د.صابر يتساءلون لماذا تقل إيداعات البنوك بصورة بينة عن الكتلة المالية المتداولة المفترضة. إن نظرة متمعنة تلقى عن كثب على البنوك كفيلة بالتعرف على تلك الشريحة الغائبة وربما يلقي ذلك الضوء أيضاً على منافذ تهريب الذهب والصمغ العربي والدقيق والسكر(وأنابيب الغاز)، ومن هم القائمون على نشاطه. وتصريحات وزير الداخلية الأسبق السيد عبد الرحيم محمد حسين بأنه في السنوات العشر الأخيرة دخل السودان أكثر من ثمانية ملايين وافد من دول غرب إفريقيا..كم يمثل ذلك من نسب في فرص التعليم والعلاج المجاني وحصص الدعم وكم يمثل في تقليص نسب النمو الاقتصادي وقراءاته المنخفضة أصلاً؟ وفي الأيام القريبة الفائتة شكا معتمد أم دخن من (المواتر) التي تهرب المخدرات إلى البلاد، ترى أهي ذات المواتر التي تجوب الخرطوم ليل نهار والله وحده يعلم من تنقل وفيم.
لو أن أمن البلاد «الهش» في هذه الأيام يسمح لأوردت أمثلة أخرى أكثر فداحة وإيغالاً في مخالفة القوانين والعرف وحسن الجوار، ولكن يقيناً أن أبناء الميدوب والسلامات والقمر لديهم ما يفضون به إلى عليا السلطات لو أتيح لهم ذلك وأرجو أن يتاح لهم ذلك قبل أن يستفحل الأمر ويفضي إلى ما لا يرغب فيه أحد. بيد أن الحل الشامل يقتضي إرادة عليا ورصداً ومراجعة لبعض الأجهزة، والأمر برمته لدى من يمتلك القرار وهناك من السوابق ما يقترح خطوطاً عامة على نحو ما جرى في تونس إزاء النايجريين وفي كينيا إزاء الآسيويين وفي ساحل العاج إزاء اللبنانيين على أن يكون ذلك على قواعد من العدالة والبعد عن تصفية الحسابات ولله قصد السبيل.
علي حسن نجيلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وزير المالية السوداني يتوجه لواشنطن

توجه وزير المالية، د. إبراهيم أحمد البدوي، إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجلس محاف...