الاثنين، 7 مارس 2016

الحج والعمرة ومعركة الوكالات «1»




قبل أيام أصدر السيد وزير الإرشاد والأوقاف قراراً قضى بوقف الحج السياحي ومعاملات الوكالات في الجح والعمرة، وهو قرار جاء بناءً على توجيهات من نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن الصادر بتاريخ 31 يناير 2016م، بالرقم «4» لسنة 2016م.. ولا اعتقد أن قراراً بهذا الوضوح في اطار تطوير وتجويد الأداء في تقديم الخدمات بعد عمليات التقويم والتقييم التي تمت لحج العام الماضي، أن يكون صدر بدون توجيه كما ادعى أصحاب وملاك وكالات السفر الذين يريدون استفزاز السلطات الحكومية بالتذكير بضرورة خصخصة الحج والعمرة وجعله مثل اية سلعة تجارية في السوق يتلاعب بها تجار السوق ويرهن الحاج ارادته لسماسرة السوق.
إن الحج والعمرة والأوقاف ومثلها الشعائر الدينية والتعبدية اذا فرطت السلطات الحكومية في رعايتها والاشراف عليها وتركتها للتجار الذين لا تحرك ضميرهم معاناة المواطنين الذين ادركوا قيمة هذا القرار وتأثيره ونزل عليهم مثل الصاعقة، وبات مبعثاً جديداً لمخاوفهم التي تتهيج وتكون اكثر قلقاً كلما سارت الحكومة في الاتجاه الصحيح، فإنه لا يمكن السيطرة عليها بعد ذلك، ولذلك لا يمكن للحكومة أن تترك أمر المسجد والوقف والحج للتجار الذين لا يرون إلا وفق مؤشر مكاسبهم المادية التي يرون في قرار وزير الارشاد والاوقاف مهدداً لها، ولذلك قرروا الدخول في مواجهة مفتوحة مع ادارة الحج والعمرة، بدأت بتقديم مذكرة احتجاجية للنائب الأول لرئيس الجمهورية، لكنهم لم ينتظروا رده وكأنهم لا يثقون في مؤسسة رئاسة الجمهورية التي تقدموا اليها بشكوى، ولا ادري الى أي حق استندوا في الشكوى المقدمة، للنائب الأول لرئيس الجمهورية، ومن طريقة استعجالهم والهروب نحو الإعلام يكتشف ضعف الحجة وقلة المنطق القانوني والدستوري.. وفي هذا الصدد أرجو ان اطرح اسئلة للسادة التجار والمستثمرين في وكالات السفر والسياحة ويريدون أن يستأثروا بالحج والعمرة ويجعلونهما مثل أية سلعة تجارية يطالبون الاجهزة الحكومية بالخروج منها.. واسئلتى هي: ما هو القانون الذي يفرض على الدولة ممثلة في الحج والعمرة ووزارة الارشاد والأوقاف أن تعطي أصحاب الوكالات حصصاً في الحج؟ هل هناك مادة قانونية ملزمة في ذلك؟ هل هناك عقد قانوني وموثق تم بين إدارة الحج والعمرة واصحاب وكالات السفر؟ اذا لم تكن هناك وثائق دستورية وقانونية اعتقد ان على الحج والعمرة وقبلها الوزارة المعنية فنياً أن تصدرا ما يمليه عليهما الضمير والحق من قرارات تحفظ حق المواطنين والحجاج، ولا يلتفتان الى زوابع هؤلاء المستثمرين الذين يريدون أن يحصروا القضية في زاوية ضيقة واثارة كأنها قضية شخصية بينهم وبين وزير الارشاد والاوقاف ومدير عام وزارة الحج والعمرة اللذين ينفذان سياسات دولة، وفي تقديري الخاص انه من الايجابيات ان تشرف الحكومة على عملية الجح والعمرة طالما هناك نظام موحد في المملكة العربية السعودية خاص بعملية الحج وتنظيمه وكيفية تقديم الخدمات للحجيج، والسعودية تتعامل مع الحكومات وليس الأفراد أو الشركات، فهناك مؤسسات حكومية مؤهلة هي المسموح لها بتقديم الخدمات، والحكومة السعودية تقوم بعملية الاشراف على التعاقدات وتنفيذها، وليس من حق شخص او مؤسسة ان ترفض تنفيذ أمر الخدمات بالطرق والاسلوب المتفق عليه في العقد.
ومن أوجب واجبات وزارة الإرشاد والأوقاف تنسيق الجهود في عملية تجويد أداء الحج والعمرة وتيسيره والبحث عن طرق تقديم خدمات مريحة لكل الحجاج، ومن الأشياء الإيجابية التي برزت بعد قرار وقف عملية الحج عبر الوكالات، إنشاء صندوق الحاج والمعتمر، وهو طريقة تكافلية توفيرية تسهم كثيراً في تخفيف أعباء الحج المالية وتيسيره، ويساعد في تبسيط الحج لكل الراغبين.
إن قرار وقف الحج السياحي قرار سليم، لأنه يحد من سيطرة شبيحة الوكالات، وتخليص عملية الحج من التجار والنفعيين المتكسبين الذين إلا يرون إلا ما يملأ جيوبهم.
ونواصل إن شاء الله.
فضل الله رابح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وزير المالية السوداني يتوجه لواشنطن

توجه وزير المالية، د. إبراهيم أحمد البدوي، إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجلس محاف...