الاثنين، 20 نوفمبر 2017

سعر الصرف.. (المضاربون في كماشة الرئاسة)



يشهد القصر الرئاسي اجتماعاً مهماً اليوم برئاسة رئيس الجمهورية عمر البشير لبحث إجراءات ضبط سعر الصرف، يشارك فيه كبار قيادات الجهاز التنفيذي الحكومي والقيادات المصرفية ابتداءا من النائب الأول للرئيس رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية، ووزير الدولة بالمالية، ومحافظ بنك السودان المركزي، ووزير الدولة برئاسة الجمهورية، ومدير جهاز الأمن والمخابرات ورئيس اتحاد المصارف، وقد سبقه اجتماع أمس للقطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء للتباحث حول ذات المشكلة وتراجع الجنيه أمام العملات الحرة.
 إرهاصات:
مراقبون لصيقون بملف النقد الأجنبي ذهبوا إلى توقع ما يمكن أن يفضي إليه الاجتماع الرئاسي من نتائج لحسم مشكلة الانفلات الكبير في سعر الصرف بالسوق الموازي هذه الأيام لنحوٍ قارب الـ(28) جنيهاً، ليعاود التراجع لمستويات أقل رغم عدم تباعدها كثيراً عن التصنيف ضمن خانة الارتفاع وهي (25) جنيهاً، الإرهاصات ذهبت إلى أن الاجتماع سيبحث في إنفاذ المزيد من الضغط على الاستيراد لتوفير النقد الأجنبي وتحجيمه لأضيق نطاق ممكن، وتركيزه أكثر على السلع الضرورية والعودة لحظر الكماليات التي أعادت الحكومة السماح باستيرادها مجدداً، خاصة الأثاثات لاعتماد الحكومة على السلعة الأخيرة في توفير مورد سريع من النقد رغم استنزافها له بذات السرعة.
إلى جانب ذلك فإن الاجتماع يناقش كذلك العوامل المؤثرة الخارجة عن الإرادة كالأزمة الأخيرة في الخليج التي انسحبت بشكل كبير على سعر الصرف بالبلاد، ومشاكل التهريب الذي يتم في السلع عبر الحدود خاصة مع جنوب البلاد وإمكانية سرعة حسمه لضبط النقد الأجنبي وإعادة ترشيده لصرفه في شئون الدولة الأكثر إلحاحاً.
ولم ينس المراقبون الإشارة لاحتمالات تركيز الاجتماع أكثر على التشدد في محاصرة وإقصاء المضاربين في تجارة العملة الذين يتحكمون ويتلاعبون في أسعارها هبوطاً وارتفاعاً، وتقديم المزيد من المحفزات للمغتربين لجذب تحويلاتهم إلى داخل البلاد، مما يحسن موقف البلاد من النقد ويخفض سعر الدولار، ولم يستبعد المراقبون أن يتطرق المجتمعون لسياسة التعويم رغم إشكالاتها وحاجتها للموارد ولو عبر منح وقروض ميسرة من الخارج لمقابلة إنفاذها وعمل (كونترول) لها.

براءة الحظر:
ما يحدث في سعر الصرف آنياً، يقطع الشك باليقين من أن الحظر الاقتصادي الذي فرض على السودان طيلة الـ(20) عاماً الماضية لم يكن سبباً رئيساً في ارتفاع الدولار، وإنما بفعل السياسات الداخلية التي نشطت وفرخت سوقاً أكبر للدولار يصعب اجتثاثه بين عشيةٍ وضحاها، وقد أثبت القائمون على أمر الاقتصاد عدم نجاحهم في ذلك باعتراف النائب الأول للرئيس، رئيس مجلس الوزراء بكري حسن صالح في خطابه الأخير بالبرلمان القومي، وقال فيه: إن الحكومة فشلت في إيقاف تراجع الجنيه أمام الدولار أو تحسين ميزان المدفوعات، وذلك لهبوط إنتاج البلاد من النفط بنسبة بلغت 12% وتدني إنتاج السكر بنسبة 3% في العام الحالي مقارنة بنفس التوقيت من العام الماضي. وشكا من أنه ومنذ توليه حقيبة رئاسة الوزراء لم تؤدِ معالجات القطاع الاقتصادي لنتائج ملموسة حيث ارتفع سعر الدولار من نحو 7 جنيهات إلى أكثر من 20 جنيهاً وانخفضت صادرات المعادن لتدني صادرات الذهب، وبالمقابل، ارتفعت الواردات بسبب زيادة قيمة السلع المصنعة ومنتجات البترول والقمح والآلات والمعدات.
مبادرات ولكن:
قاد بنك السودان المركزي مبادرات شتى مؤخراً للحد من ارتفاع الدولار مقابل الجنيه السوداني غير أنها لم تؤتي أكلها، تمثلت في إصدار الضوابط والإجراءات المنظمة للتعامل بالنقد تارة وبحملات أمنية من حين لآخر ضد المتعاملين في السوق الموازي، وتاره أخرى بضخ المزيد من العملات الأجنبية للبنوك التجارية والصرافات وذلك بسبب ارتفاع التضخم، والذي أكد المراقبون أن وزارة المالية والبنك المركزي يواجهان تصاعده (معدل التضخم المالي) بالحد من ارتفاع سعر الدولار، وهذه السياسة بالطبع لن تجدي فتيلا باعتبار أن مواجهة ارتفاع الدولار وسعر العملة ليست من أدوات وآليات السياسة النقدية أو المالية للحد من حدة التضخم المالى، لأن الأخير هو الذي يؤدي لارتفاع سعر الدولار وليس العكس، لافتين لإمكانية أن يؤدي انخفاض الجنيه السوداني مقابل السلع، إلى انخفاضه أيضاً مقابل الدولار الأمريكي.
توقعات بالتراجع:
حالة من الهدوء النسبي سادت شوارع العاصمة التي ينتشر بها تجار العملة أفراداً وجماعات ينادون المارة بايحاءات تارة، وبأصوات منخفضة تارة أخرى بعبارة:(صرف.. صرف)، ويبيع بعضهم الدولار بسعر 25,200 جنيهاً، وقد رصدت (السوداني) حالة من الإحجام في أوساط غالبيتهم عن البيع مبررين ذلك بانتظار ما سيسفر عنه اجتماع الرئاسة حول الدولار اليوم، متوقعين انخفاضه إلى أقل من السعر الحالي.
 قرارات سابقة:
أصدر بنك السودان المركزي الثلاثاء 24 أكتوبر2017، حزمة إصلاحات في السياسات والإجراءت النقدية والمصرفية، وفق بيان صدر عنه، شملت ترشيد فاتورة الاستيراد وتعظيم عائدات الصادرات السودانية، كما أصدر ضوابط مماثلة في 4 يناير 2013م، وغيرها الكثير من البيانات والتصريحات التي أمنت على الحد من ارتفاع الدولار، ولكنها خرجت بمعالجات آنية لم تفلح في السيطرة على انفلات الدولار.
هالة حمزة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وزير المالية السوداني يتوجه لواشنطن

توجه وزير المالية، د. إبراهيم أحمد البدوي، إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجلس محاف...