الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017

السودان وقائمة الإرهاب.. المعركة المقبلة




 استمرار وضع اسم السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، لم يصبح الصداع المتبقي من السياسية الأمريكية تجاهه البلاد فحسب، بل يشكل عقبة مهمة في طريق قطف ثمار قرار رفع العقوبات، لجهة أن (دول القائمة) أمامها جسور عالية من الإجراءات القانونية عليها تعديها وتجاوزها حتى تحصل على تمويلات للمشاريع وعلى معونات خارجية وتحويلات مالية، ومراسلات بنكية من الولايات المتحدة ودول أخرى، فضلاً عن مؤسسات مالية دولية من بينها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.ذلك الأمر يخلق صعوبات جديدة ستتم مواجهتها عقب (انتهاء موسم الفرح) الذي أشاعه قرار رفع العقوبات في 12 من أكتوبر الجاري، ما يعني أن معركة السودان المقبلة ستكون مواجهة قرار ضم السودان إلى القائمة الأمريكية، وحتى يتم ذلك سيبقى التحسن في التعامل مع دول العالم ومؤسساته المالية محدوداً، وسيكون طلب السودان بإدراجه ضمن قائمة الدول المستفيدة من برنامج إعفاء الديون (هيبيك)، طلباً متكرراً غير مسنود بإرادة دولية حقيقية. ويبقى الرهان على نجاح السودان في تعدي عقبة (القائمة) ومن دون ذلك ستظل البلاد تواجه قيوداً محلية ودولية كبيرة واختلالات كبيرة في الاقتصاد الكلي، وتبقى المعالجات لاحتواء العجز المالي وتباطؤ نمو الأموال والحد من التضخم ودعم الانتعاش الاقتصادي، دون سند خارجي، على اعتبار أهمية رفع الديون والاندماج الكلي في الاقتصاد العالمي، وهذه قضايا يحد منها إدراج اسم البلاد ضمن القائمة الأمريكية للإرهاب الذي يفرض عقوبات قانونية على المؤسسات والمصارف التي تتعامل مع السودان.مثلاً، في يونيو من العام 2014 أقر بنك (بي إن بي باريبا)، بصحة التهم الموجهة إليه بانتهاك العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على السودان وبلدان أخرى، وحكم عليه بدفع (8.9) مليار دولار في شكل مصادرات وغرامات. وفي عام 2015 واجه بنك كومرتس، غرامات جراء انتهاك العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، وقد أدى هذا من بين عوامل أخرى؛ إلأى انقطاع واسع لعلاقات المراسلة المصرفية مع البنوك السودانية، بسبب وجود اسم السودان ضمن (القائمة السوداء).ووفقاً لتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي عن واقع الاقتصاد السوداني في العام 2016، فإن لجنة المدفوعات والبنية التحتية للأسواق، قالت إن السودان خسر نصف علاقاته المصرفية المراسلة تقريباً في الفترة من 2012 إلى 2015 وهو ما يمثل انخفاضاً نسبته (15%) في الحجم، واضطرت البنوك المحلية لدفع رسوم أعلى وتقديم ضمانات نقدية كاملة حتى يحدث تراسل بينها وبين بنوك خارجية.لذلك يصبح من المنطقي أن تبدأ الحكومة - وفق ما يرى المراقبون - التحضير لرفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب من الآن وهي برأيهم مرحلة لا تقل في أهميتها عن إلغاء العقوبات، ويتفق مع هؤلاء المراقبين وزير الخارجية إبراهيم غندور عندما أعلن أن الوقت قد حان لانطلاقة المرحلة الثانية من الحوار مع الولايات المتحدة في نوفمبر القادم.*إصرار أمريكيوفي الوقت ذاته تصر الولايات المتحدة الأمريكية على أن الظروف الحالية غير مواتية لإجراء حوار مع الخرطوم لرفعها من القائمة الأمريكية للدول (الراعية للإرهاب) بالرغم من أن الإدارة الأمريكية أقرت بأن البلاد متعاونة في محاربة الإرهاب، وأكد القائم بالأعمال الأمريكي لدى السودان ستيفن كوستيس عقب إعلان قرار رفع العقوبات، أن (مناقشة حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لم يكن جزءاً من خطة المسارات الخمسة التي انخرطنا فيها).الشد والجذب في الأمر يفتح الأبواب أمام الاحتمالات ويثير الشكوك حول إمكانية صدور قرار مستقبلي من شأنه رفع اسم البلاد من الإرهاب، والسؤال الذي يطرحه المراقبون: هل ينجح السودان في معركته التالية بعد ما أنجز الأولى؟*إطلاق الحرياتوبما أن القرار كان مرتبطاً بوجود أسامة بن لادن بالبلاد في التسعينيات، فضلاً عن تفجيرات نيروبي وغيرها من الأحداث، يرى خبير العلاقات الدولية شيخ الدين شدو أن استمرار الحكومة في بث خطابات دينية متشددة خاصة الحديث عن الجهاد والاستشهاد يعرقل طرق البحث عن وسائل تمهد لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وتعطي المناوئين لأي اتجاه لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والسودان، الفرصة لعرقلتها، ويضيف: مثل هذا الخطاب لا يتسق والمرحلة المقبلة، وما يتسق مع المرحلة حسب حديثه لـ(آخر لحظة)، إطلاق الحريات وبسط حقوق الإنسان، ووضع مجلس حقوق الإنسان في الاعتبار سيما أن السودان لم يتجاوز البندين الرابع والعاشر، لأنه يحسن صورة البلاد أمام المجتمع الدولي.*تصريحات رعناءواستمر شدو في نصح الحكومة بالتوقف عن التصريحات السياسية (الرعناء) بحسب وصفه، إلى جانب ضمان حرية التعبير والجدية في محاربة الفساد، ويقول: إذا ما فعلت الحكومة ذلك يمكن أن يصدر قرار بشطب اسم السودان من قائمة الإرهاب، لأن القرار مثلما له متعلقات خارجية، له استحقاقات داخلية، مشيراً إلى أن السودان بدأ بالتعاون فعلياً مع المجتمع الدولي مؤخراً، ويمكن قراءة ذلك من تدوال الحديث عن التطبيع مع إسرائيل.*ارتياح إقليميولكن سفير السودان الأسبق لدى الولايات المتحدة الأمريكية خضر هارون بدا أكثر تفاؤلاً حين وصف تضمين اسم السودان ضمن القائمة السوداء بالأمر السهل، وقال في تصريحات صحفية إن قضية الإرهاب ليست بذلك التعقيد، واستشهد بما أسماه  الارتياح الداخلي والخارجي والإقليمي فيما يخص وضع البلاد وعلاقاتها الخارجية، داعياً الدولة لبذل جهد كبير لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.*أماني غندور والشاهد أن التزامن بين بيان الإدارة الأمريكية القاضي بتحذير مواطنيها من السفر للسودان، وزيارة وزير الدولة بالخارجية حامد ممتاز للولايات المتحدة الأمريكية، لم يكن وليد الصدفة، مما دفع المحلل السياسي صلاح الدين الدومة إلى وصفه بأنه بيان توقيتي يحمل في طياته رسالة مضمونها أن أي حديث من الوزير حول قضية الإرهاب مرفوض تماماً في الوقت الحالي، وسخر الدومة من استعجال غندور في التصريح عن مضيه في حوار بهذا الشأن بحلول نوفبر المقبل، أي عقب قرار رفع العقوبات مباشرة، وقال إن ذلك مجرد (أماني من طرف واحد)، سيما أن الولايات المتحدة ليست الجانب المتضرر من القضية.واعتبر الدومة التعامل مع الدول يشبه إلى حد كبير التعامل مع الأفراد، بمعنى أن الفرح الهستيري من الجانب السوداني بقرار رفع العقوبات يجعل الجانب الأمريكي يتأنى كثيراً في اتخاذ قرار يقضي بالشطب من قائمة الإرهاب بحسب تعبيره، لجهة أن الإدارة الأمريكية تعمل بحسابات سياسية، وأكد أن القرار لن يكون في الوقت الحالي، بل إن الأمر يحتاج إلى وقت.////////////////مصحح
أسماء سليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وزير المالية السوداني يتوجه لواشنطن

توجه وزير المالية، د. إبراهيم أحمد البدوي، إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجلس محاف...