الثلاثاء، 26 أبريل 2016

حلايب .. لعبة المخابرات




صدقوني ان كل هذه الضجة الاسفيرية والحملة الاعلامية الاستفزازية للسودان والتي يحاولون التحشيد والتعبئة لها داخل مصر في موضوع حلايب هذه الايام تقف خلفها المخابرات المصرية التي تريد ان تحقق بها بعض الاهداف الداخلية اهمها محاولة توحيد الساحة الداخلية المصرية المنقسمة في موقفها بل المنفضة من حول النظام المصري وقيادته الحالية خاصة اولئك الذين كانوا قد ايدوا السيسي في بداية الامر ودعموا مشروع اسقاط الرئيس السابق مرسي وحكم الاخوان ثم فوجئوا بعد ذلك بسلطة فاشلة ضعيفة غير قادرة على توفير الامن الداخلي او لقمة العيش للمصريين فعبروا عن استيائهم من سياسات السيسي ورفعوا اياديهم عن مناصرته .
مث هؤلاء لا سبيل لاستقطابهم من جديد الا بافتعال قضية يمكن ان تجتذب مواقف الكثير منهم ومن المصريين الذين يعتبرون ان التمسك باحتلال مصر لحلايب السودانية هو تمسك بارض مصرية وعدم تفريط فيها يشكر عليه السيسي .. تلك هي المحركات العاطفية التي من الطبيعي انها تجد اشادة بها من كثير من المواطن المصريين الذين تم تضليلهم وتزوير التاريخ الذي يدرسونه لهم بالزعم ان هذه المنطقة المتنازع عليها بين مصر والسودان هي ارض مصرية يريد السودان ان يستولي عليها .
المخابرات المصرية تنظر لمكسب التحشيد والالتفاف حول السيسي على انه هو الاهم الان ، والذي قد يحققه نسبيا ومؤقتا تصعيدهم غير المبرر لملف حلايب المحتلة في حين ان الوضع الطبيعي ان ياتي التصعيد من جانب الدولة المتضررة حاليا والتي تفقد السيطرة على ارض حلايب وهي السودان وليس العكس .
لكن السودان يستعين باطول حبال الصبر على هذا الاذي وهذا الاستفزاز الذي تمارسه تلك الدوائر ويؤكد الف مرة فعلا وقولا انه غير راغب في خوض حرب مع مصر حول موضوع حلايب .. وهذا موقف – بمعايير الحكمة السياسية – منضبط الي ابعد حد .
مع انه ولكل تاكيد لو قدر الله ان يفقد السودان صبره او يتعاطي بنفس اللغة التصعيدية مع مصر ويمضي في اتجاه المواجهة فان الحكومة السودانية لن تخسر شيئا بل ربما تكسب سياسيا بنفس المنطق والمنطلق الذي تنطلق منه حملات المخابرات المصرية تكسب تاييدا واستقطابا داخليا كبيرا جدا والتفاف حولها خاصة وان الحيئيات الموثقة والمواقف المرصودة للبلدين الان تجعل السودان اكثر موضوعية في موقفه ومطالبه من مصر .
فالسودان صاحب الحق في الارض لم يحاول اللجوء لاي مستوي من مستويات المواجهة مع مصر ولم يقم حتى بالتهديد بانه سيواجه مصر عسكريا حول حلايب .. اطلاقا لم يصدر مثل هذا التصريح او التهديد لا صراحة ولا ضمنا بل كل المطلوب هو اللجوء الي التحكيم الدولي الذي يجب ان يحرص عليه صاحب الحق الواثق من حقه ولا يتهرب منه الا الطرف الواثق ايضا انه سيخسر موقف القضاء الدولي لانه ببساطة لا يملك حقا .
على من يسعون لدعم تعنت النظام المصري وامتناعه عن اتخاذ الموقف الطبيعي والسليم بالموافقة على الاحتكام الدولي اولئك الذين يحاولون الان اللعب بالنار واشعال الفتنة وتهديد السودان او ابتزازه بحملات شعبية و (استهبالية ) و (استخبارية ) مثل هؤلاء من قصار القامة وقصيري النظر ينظرون فقط لاهداف وقتية ولحظية قد يحققونها بالفعل لكنهم بالتاكيد سنسفون بهذا التصعيد في منتهاه ما تبقي من امن واستقرار في مصر ويخاطرون بمستقبل بلددهم بشكل كامل .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين
جمال علي حسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وزير المالية السوداني يتوجه لواشنطن

توجه وزير المالية، د. إبراهيم أحمد البدوي، إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجلس محاف...