الخميس، 9 يونيو 2016

بين الصادق المهدي ومبارك الفاضل



كنت اعلم انه بولدوزر بمقدوره ان يحرك عجلة التاريخ مهما استعصت على الدوران لكني كنت اجهل كثيرا مما اسهم به في مسيرة السودان السياسية الي ان قرات المقالات التوثيقية التي سطرها الاستاذ مصطفي البطل عن بعض الخبايا في سيرة مبارك الفاضل المهدي فازددت قناعة بقدرات الرجل الخارقة على الفعل .
عندها فقط علمت لماذا يتوجس السيد الصادق المهدي منه خيفة فهو ممكن ان يخيف بحق كما يمكن ان يناال اعجاب من يتمعن في سيرته وقدراته القيادية وكل من كان في موقع الصادق المهدي سينتابه نفس الاحساس وتحيط به ذات الوساوس مما يمكن ان يفعله مبارك ان مكن من ان يحتل موقعا مؤثرا في هيكل الحزب فمبارك سيف ذو حدين كلاهما يمكن ان يصيب مع اختلاف تاثيرات الاصابة ايجابا او سلبا .
مبارك رجل براغماتي او قل واقعي ينفعل باللحظة التاريخية ويتفاعل معها ويحركها بقوة مذهلة باتجاه موقفه السياسي في لحظة واحدة (180) درجة بدون ان يطرف له جفن .
المبادئ لا تحتل في مواقفه السياسية ايه اولوية فهو مستعد لان يتفاعل مع اي محيط ايديولوجي يختار ان يتعامل معه بحيث يكون جزءا لا يتجزا من ميكانيزماته الفاعلة والمؤثرة ولا شك ان الارث التاريخي بانتمائه للاسرة المهدية منح شخصيته مزيدا من الالق الذي زاد من الكاريزما التي يمتمع بها دون غيره من قيادات حزب الامة ، بخلاف السيد الصادق طبعا .
لعل اكثر ما لفت نظري في شخصيته العلاقة الوطيدة التي ربطته بجون قرنق خلال فترات الحرب قبل نيفاشا والتي اشرا اليها زعيم الحركة الشعبية في محاضرة قدمها في فيرجينيا عام 1996 ثم دخوله حكومة الانقاذ ثم خروجه العاصف والغريب منها وخروجه على حزب الامة وقيامه بانشاء حزبه السياسي ثم حل حزبه بصورة درامية ومحاولات عودته الي حزب الامة والمستمرة حتى الان .
كما قلنا فان المبادئ لا تحتل مكانة في سلوكه السياسي ولذلك فانه لن يتورع ، وفي اي وقت من استنساخ ( عكته ) المثيرة حين حرض امريكا على الانقاذ بعد قصفها لمصنع الشفاء بان هناك مصنعا اخر ، ذلك ما يؤكد ان الرجل في صراعه السياسي لا يتردد في استخدام كل اسلحة الدمار الشامل وهو ما ينبغي ان ينبه السيد الصادق الي اهمية ايلاء تحركاته الاخيرة اهتماما اكبر .
كل حركاته وسكناته وتقلباته العاصفة تصحبها ضجة وضخب مرتبط بوزن الرجل وقدرته الفائقة على صنع الضجيج المصاحب لشخصيته المثيرة .
لا يمكن ان اتجاوز تاثيره على فترة الديمقراطية الاخيرة قبل قيام الانقاذ وكان وقتها شابا ذا حيوية دافقة ونشاطا جما ربما جعله مركز الفعل والقرار في حكومة السيد الصادق المهدي  رغم قلة خبرته وعمره القصير وقتها .
الضجيج المصاحل لتحركاته السياسية وتصريحاته المثيرة التي يدلي بها هذه الايام ضد ابن عمه كلها من الامور المزعجة للسد الصادق ومن شانها ان تحدث تاثيرا هائلا على الحزب سيما مع ابتعاد السيد الصادق المهدي من الساحة وضعف تاثيره علي قواعد الحزب جراء غيابه المتطاول وحراك مبارك الفاضل بديناميكيته المدهشة والتي تزداد زخما بتفاعل الانقاذيين معها والذين لا شك ان رياحها العاتية تهب في اشرعتهم .
مبارك الفاضل المهدي بشخصيته التي لا تعرف الهدوء وبالكاريزما المرتبطة باسمه وتاريخه مقارنا بالقيادات الاخري في حزب الامة التي لا تضاهي مكانته وبريقه وتاثيره تجعل امر التغافل عنه خطا كبيرا سيدفع الامام الصادق ثمنه الفادح ولا اري سبيلا لمواجهة الخطر الذي يتهدد الحزب جراء تحركات مبارك بين قواعد وقيادات الحزب في غياب ابن عمه الصادق المهدي الا باحد امرين : اما عودة المهدي ليس لمواجهة تاثير الحراك المباركي الخطير فحسب انما كذلك لقيادة المعارضة الداخلية التي تحتاج اليه كثيرا واما النظر بعقلانية في التعامل مع مبارك الفاضل المهدي الذي سيكسب الحزب كثيرا اذا اخذ الرجل موقعه اللائق في هيكلة التنظيمي ووظفت قدراته الهائلة في النهوض بالحزب والاسهام في التغيير .
الطيب مصطفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وزير المالية السوداني يتوجه لواشنطن

توجه وزير المالية، د. إبراهيم أحمد البدوي، إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجلس محاف...