الخميس، 16 يونيو 2016

القروض الربوية .. هل الضرورات تبيح المحظورات؟



كأن الليلة أشبه بالبارحة، فذات الجدل الذي صاحب القرض  الذي تم به تشييد سد مروي الحالي، وعندها لجأت الحكومة لأحد الشيوخ وأفتى بأن القرض لاغبار عليه، وأن الضرورة لا تحرم مثل هذه المعاملات التي تحقق مصالح العباد، ومع تلك الفتوى أسدل الستار، وقطعت الحكومه قول كل خطيب، وذهبت اعتراضات الزبير أحمد الحسن وعبد الجليل النذير الكاروري أدراج الرياح، وتم التشييد، وبالأمس كان البرلمان قد مرر القرض الكويتي الذي  يبلغ 60 مليون دينار كويتي يتم استردادها بواسطة أقساط سنوية تمتد لمدة 19 عاماً، ورغم أن هناك عدداً من النواب كانوا قد طالبوا بإخضاعه للمراجعة الفقهية قبل تمريره، باعتبار أن فيه شبهة ربوية أثارت جدلاً، وسجل عدد من النواب  اعتراضهم على الخطوة.
الجدل داخل البرلمان
أبرز المعترضين على خطوة تمرير القرض الكويتي العضو المستقل مبارك النور، والذي شدد على عدم شرعيته، وطالب بتدخل هيئة علماء السودان، بينما دافع العضو والقيادي البارز بالحزب الحاكم محمد الحسن الأمين عن إجازة القرض، وقال إن آلية القروض مستقلة تماماً، وأنها سبق وأن رفضت قروض أخرى، وأنها أجازت القرض الكويتي لما تمليه الضرورة والفائدة
الاجماع وفقه الضرورة
وزارة الري أكدت أن الأمر يقع في إطار الحوجة التي تصل إلى الضرورة، وأكدت الوزارة أن أهمية مشروع الروصيرص تأتي  لتنمية المناطق الفقيرة وتوفير الغذاء في مناطق الحرب، وقال إن الآلية وافقت على القروض بالإجماع.
أكثر من مخرج
القيادي الإسلامي بحزب الموتمر الشعبي أبو بكر عبد الرازق يرى أن القرآن كان صريحاً فيما يتعلق بالمعاملات الربوية وأنه لا مجال لاجتهاد، وقال عبد الرازق لـ(آخر لحظة) السورة القرآنية لم تفرق بين العام والخاص، مشيراً إلى أن الضرورة التي حددها الشرع حصرت في من شارف على الهلاك بصحراء له أن يشرب الخمر، حتى يروى ثم تحرم عليه إن بلغ الماء، وأن يأكل من الميتة أن خاف أن يهلك جوعاً، مؤكدا أنه لا توجد ضرورة حالياً تجبر الحكومه على تعلية سد الروصيرص، وقبول قرض ربوي، قائلاً هناك أكثر من مخرج يجنب الحكومه استلام أموال نقدية، من خلال عقد مرابحة تقوم الجهة الممولة بالمشروع وتسليمه كاملاً للحكومة، أو من تسليمها مواد مقاولة تحت إشراف استشاريين سودانيين وقال عبد الرازق إن الإصرار على استلام القرض باعتبارها تفتح مجالاً واسعاً للفساد والمصالح الفردية والفساد.
سواد العيون
أما القيادي بالموتمر الوطني د. ربيع عبدالعاطي  دافع عن إجازة القرض الكويتي استناداً إلى أنه ليست هناك جهة يمكن أن تمنح قروضاً بلا مقابل، قائلاً لايمكن أن يكون هناك قروض (تمنح حسنة ولا عشان سواد عيونك) وأضاف كل الدول العربية والاسلامية تتعامل بهذه الطريقة حتى التي تمنح مؤكداً أن الحكومة بواسطة خبرائها ما كانت لتمرر القرض، لولا أنها تأكدت من حجم الفائدة وبالتالي لايوجد مايمنع.
وفي وقت سابق من العام 2013م دخل ممجع الفقه الاسلامي وبنك السودان المركزي في جدال فقهي حول القروض الربوية، وقال الشيخ عصام البشير إن الربا متفق على تحريمه بنصوص الشريعة، لكن الله أحل للمضطر ما كان محرماً، لكن هذا النظر يقوم به أهل العلم الشرعي مع أهل الخبرة والاختصاص، لافتاً إلى أن مجمع الفقه دفع بمجموعة من علمائه، ووضعوا من الشروط التي تتعلق بواجب الدولة لخفض الإنفاق الحكومي وترشيد الصرف وتقوية آليات مكافحة الفساد، والتأكد من أن البدائل لا تتوفر للدولة قبل إعمال فقه الضرورة في القروض، وأنها تحرت الصيغة الشرعية للجهة الممولة، لافتاً إلى أن الضرورة تتأكد في النواحي الضرورية مثل الأدوية المنقذة للحياة ومياه الشرب ومهمات الدفاع والخدمات الضرورية، لافتاً إلى أن الآلية التي كونها المجمع تتحرى ما يقتضية الشرع ولا تستجيب فيه لرغبة حاكم أو سلطان ولا ضغط مجتمع، وقال إن العلماء ليسوا فنانين يقدمون ما يطلبه المستمعون، ويلبون رغبات المجتمع، إنما يصدرون فتواهم على الأساس الشرعي لكي نطهر أموالنا من كل ما يخدشها في الجلب والإنفاق.
ويظل الجدل الفقهي مستمراً حول القروض، والقروض مستمرة ولا توجد فتوى قاطعة حول الأمر ..
فاطمه أحمدون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وزير المالية السوداني يتوجه لواشنطن

توجه وزير المالية، د. إبراهيم أحمد البدوي، إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجلس محاف...