الأحد، 22 مايو 2016

ولاية نهر النيل..الثغرات الأمنية والاستعداد الدائم

موقع ولاية نهر النيل الاستراتيجي ومساحتها الشاسعة وتفجير طاقاتها الاستثمارية والزراعية ومشروعاتها التنموية، واستخراج كنوز الأرض من باطنها، وغيرها من العوامل جعلها ولاية ذات خصوصية أمنية، الأمر الذي وضع الأجهزة الامنية على المستويين الاتحادي والولاية أمام تحدٍ كبير، للحفاظ على أمن واستقرار الولاية، ولعل تلك الاسباب هي ما جعل رئيس لجنة الأمن ووالي الولاية يصرح على الملأ «ما دايرين المنح تبقى لينا محن»، وهي اشارة واضحة لتحديات تأمين مشروعات التنمية واحتواء افرازات التعدين وغيرها..«الانتباهة» ومن ولاية نهر النيل وقفت على اهم تلك التحديات المتمثلة في عمليات التهريب ونشاط عبور المخدرات والسلاح وتغير التركيبة السكانية من خلال الهجرات الوافدة سواء أكانت منظمة أو غير ذلك. أرض الحضارات تقع ولاية نهر النيل بين خطى عرض 16 ــ 22 شمالاً وبين خطي طول 30 ــ 32 شرق، وتبلغ مساحتها 124 ألف كلم مربع ما يعادل 29.5 مليون فدان، وعاصمتها مدينة الدامر التي تقع بين نهر النيل ونهر عطبرة، وتمتاز بتاريخها العريق، وشهرتها الدينية، وبها الدوائر الحكومية، وبها سبع محليات هي الدامر، عطبرة، بربر، أبو حمد، المتمة، شندي والبحيرة. يبلغ عدد سكانها حوالى 1.212.000 نسمة، وبها اكثر من 30 مشروعاً زراعياً منها: مشروعات الأمن الغذائي «عطبرة، الدامر، بربر»، مشروع الزيداب الزراعي وهو اول مشروع زراعي بالسودان، ومشروعات كلي، الكتياب، العالياب، قندتو وحوض ود حامد وغيرها، وموقع الولاية المميز جعل خطوط السكك الحديدية تخرج منها جميع الاتجاهات إلى العاصمة الخرطوم وميناء بورتسودان ومدينة وادي حلفا في أقصى شمال الجمهورية مع الحدود المصرية، ورئاسة السكة الحديد الكائنة بعطبرة تعطي اقتصاد الولاية ميزات عظيمة، حيث تسهل إجراءات الشحن ومتابعة المشحون من البضائع والمعدات، وهذا الوضع يجعل الولاية مركزاً للتصنيع والتخزين وإعادة التعبئة، حيث نقل المواد من والى جميع ولايات السودان، كما تشتهر الولاية بصناعة الأسمنت وبها كثير من المعادن، وولاية نهر النيل كانت مهداً للحضارات المروية القديمة، وتوجد بها منطقة البجراوية شمال مدينة شندي، كما توجد بها منطقة النقعة والمصورات التي يوجد بها معبدا الشمس والأسد، وهي مهد مملكة النساء الشهيرة حيث قصر النساء. منافذ وثغرات هذه الثروات والمنح جعلت الأجهزة الامنية في حالة استعداد مستديم، حيث تتولى الاجهزة المختصة ادارة العملية الامنية في عدة محاور، فالنهضة التي شهدتها الولاية فجرت العديد من الطرق والكباري اهمها طريق الخرطوم / عطبرة / هيا / بورتسودان، طريق عطبرة / بربر / العبيدية / أبو حمد، بالاضافة الى عدد من الكباري التي تربط الولاية شرقها بغربها، وهو ما قاد المهربين وتجار السلاح للاستفادة من هذه المنافذ وتوظيفها للأنشطة الاجرامية والهدامة، وبالمقابل تحسبت قوات مكافحة التهريب وشرطة المعابر وجهاز الأمن والمخابرات الوطني لسد هذه الثغرات واحكام السيطرة عليها ومراقبتها بصورة دائمة وعلى مدار الساعة، فكانت الضبطيات الكبيرة من الاسلحة والمخدرات والبضائع المهربة، منها ما هو غير مطابق للمواصفات او انها مخبأة للتهرب من الضرائب والجمارك، حيث تمكن جهاز الأمن والمخابرات الوطني في وقت لاحق من ضبط كميات من الأسلحة والذخائر على متن عربة بوكس دبل كاب تحمل على متنها عدداً من أسلحة الكلاشنكوف والقرنوف، ونحو «100» ألف قطعة من الذخيرة بمحلية أبو حمد في طريقها لعبور النيل، وتوقيف عدد من المتهمين وتدوين بلاغات جنائية في مواجهتهم، كما تم احباط عملية اخرى كانت محملة على متن سيارة بوكس عند الجسر الرابط بين المتمة وشندي. سهل البطانة تنتشر قوات تتبع لإدارة مكافحة التهريب بولاية نهر النيل في سهل البطانة ومنطقة الحقنة قرب المتمة وشمالاً حتى الحدود المصرية، حيث تكثف المكافحة اطوافها في تلك المناطق وترتكز بالمعابر الرئيسة داخل الولاية في كل من كوبري المتمة، معبر العوتيب، كوبري عطبرة الجديد، كوبري أم الطيور، وتقوم هذه النقاط وغيرها بمراجعة العربات المارة بالطرق القومية التي تربطها هذه الكباري، ومن خلال هذا الانتشار تمت ضبطيات متعددة اهمها الكريمات ومستحضرات التجميل، اجهزة الهاتف السيار وسلع مقيدة بقانون الملكية الفكرية، كما اسفرت الاطواف عن ضبطيات مقدرة من المتسللين عبر الحدود والاسلحة والذخائر المختلفة. ومن اكبر تلك الضبطيات ما جاء محملاً على متن شاحنتين تحملان «20» طناً من الاواني المنزلية و «80» ثلاجة و «5000» كرتونة صابون و «44» رأساً من الأبقار اضافة الى «30» متسللاً. تحديات التهريب انتشار اسواق الذهب لمناطق التعدين يشكل ملاذآ آمناً للمركبات المهربة، وهو تحد يواجه الادارة هناك، فضلاً عن استخدام اساليب تمويه جديدة يتخذها المهربون، حيث تم كشف عدد من العمليات الكبيرة التي استخدمت فيها اساليب تمويه كاستخدام خزانات الوقود للتهريب، واجراء بعض التعديلات على المركبات والشاحنات، واضافة اجزاء وابواب لاخفاء عمليات التهريب. مأساة أطفال التعدين واحدة من اكبر الهموم التي تواجه وحدة حماية الاسرة والطفل بولاية نهر النيل، وجود الاطفال في مناطق التعدين وما يمكن ان يلحق بهم من مخطر، حيث رصدت الوحدة اطفالاً ليسوا من نهر النيل فقط وانما من كافة ولايات السودان، حيث اكدت تقارير الوحدة انه لا توجد بلاغات رسمية بتعرضهم للاذى الجسيم ولا توجد وفيات بينهم بسبب العطش، الا انهم يتعرضون الى الاستغلال داخل اسواق الذهب والعمالة الشاقة، كما انهم يعانون من اوضاع متردية وبيئة غير صحية محاطة بالاعتداءات والمخدرات، اذ تترامح اعمارهم ما بين الـ«11 ــ 18» عاماً، يعملون في الغسيل والمطابخ وبعض الاعمال الشاقة التي لا تتناسب واعمارهم، لذلك اطلقت شرطة حماية الاسرة والطفل برانامج «لم الشمل» بالتعاون مع الجهات المختصة، وقامت بحصرهم وتصنيفهم ومن ثم اعادة جزء كبير منهم الى ولاياتهم، واتضح ان بينهم مشردين وتائهين. انتشار وفروع جديدة تجري وحدة حماية الأسرة والطفل دراسات خاصة لمعالجة هذه الاشكالية، حيث تم التأمين على انشاء فرع جديد بمنطقة ابو حمد للتعامل مع قضايا الاطفال بمناطق التعدين، والتخطيط لافراغ المنطقة من الاطفال، في وقت تصدرت فيه الولاية قائمة الولايات من حيث عمالة الاطفال، وذلك بحسب تقرير صادر عن المجلس القومي للطفولة حذر فيه من خطورة تنامي ظاهرة عمل الأطفال بمناطق التعدين، الأمر الذي يهدد استقرار التعليم لتسرب مئات التلاميذ من المدارس. الموقف الجنائي تتقلب المواقف الامنية بحسب تطورات الاوضاع والتي يدور معظمها حول محاور التنمية، فما ان اعلنت الدولة عن توفير تمويل لسد الشريك، الا وظهرت بوادر مناهضة حاولت بعض الجهات السياسية استغلالها لتحريك المواطنين الذين ستغمر البحيرة اراضيهم، الا ان هناك حوارات هادئة يقودها الجهاز التنفيذي والسياسي بالولاية، بالاضافة الى احتكاكات واشتباكات مناطقية بدأت تشهدها بعض مناطق الولاية بسبب أودية الذهب والمشروعات الاستثمارية، الا ان جهوداً رسمية وشعبية تبذل لاحتواء تلك الخلافات، فضلاً عن انتشار الأسواق الخاصة بالذهب، وهي ما تتطلب مزيداً من الجهد الأمني لبسط هيبة القانون. ظاهرة جديدة وخطيرة افرزت عمليات التعدين واسواق الذهب ظواهر جديدة اخطرها ما يعرف بتخزين «الكرتة»، وهو متبقي طواحين الحجر وتراب التعدين، حيث بلغ سعر القلاب حوالى «4» آلاف جنيه، مما دعا لتخزينه بالأودية، وهو ما يشكل خطورة على البيئة لاحتوائه على مواد كيميائية سامة تؤثر في البيئة وتعمل على تلوث الهواء والماء والمشروعات الزراعية، كما اثبتت دراسات ان هذه المواد تنتقل بالرياح ومياه الخيران والأمطار. الى ذلك ظهرت بعض مظاهر الدجل والشعوذة وسط المعدنين، وعمليات احتيال كبرى خاصة في المواد التي تستخدم في التعدين، حيث دونت الشرطة العديد من البلاغات، اضافة الى الاشتباكات التي تقع من حين وآخر بين المعدنين حول تلك المناطق. إفرازات أخرى وهناك خلافات حادة بين المعدنين والشركة السودانية للتعدين التي تدخلت لتقسيم عمل الذهب بالتساوي، وهو ما لم يتم بحسب معدنين اكدوا ان الرؤية لم تتضح بعد، الى ذلك هناك بوادر خلافات بين الشركة والسلطات المحلية خاصة بعد فرض رسوم جديدة تسمى «ضريبة المعادن الجليلة» فرضتها الشركة السودانية للتعدين واحدثت خلافات حادة، وهو ما يمكن أن يسبب تفلتات أمنية متوقعة. ومن جانب آخر تحاول الشركة احكام السيطرة على الذهب ومنع عمليات التهريب، فعملت على ادخال بعض الصاغة في بعض اسواق التعدين، وهو ما يلقي اعباءً اضافة على الأمن وتوفير قوات لتأمين حركة التجار، حيث تبعد هذه الأسواق عن الطريق المسفلت في بعض المناطق كالعبيدية ودار مالي حوالى «17» كيلومتراً، لذلك تتحسب الأجهزة الأمنية لتأمين حركتهم، خاصة عند التعامل مع البنوك، وهو ما ناقشته لجنة الأمن بالولاية ووضعت له التحسبات اللازمة.
علي البصير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وزير المالية السوداني يتوجه لواشنطن

توجه وزير المالية، د. إبراهيم أحمد البدوي، إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجلس محاف...