الثلاثاء، 23 فبراير 2016

المنظمات الاجنبية .. متلازمة الغذاء والسلاح ..!



بلغت حدة العلاقة بين الخرطوم والمنظمات الاجنبية العاملة في الشان الانساني منذ مجئ الانقاذ يونيو 1989 ، ذروتها في مارس 2009 حينما ابلغت الحكومة ، عشر منظمات اجنبية انه لم يعد مرغوبا في وجودها على اراضيها ...
قرار طرد المنظمات ، حينذاك، اثار جدلا محليا واقليميا ودوليا واسعا ، ما بين قادح ومادح ومتحفظ ، لاسيما وان الخطوة جاءت ضمن سياق وتقاطعات المحكمة الجنائية ودور بعض المنظمات في لعب دور سياسي بدلا عن الاغاثة والعون والتنمية .
طرد المنظمات وتعنت الخرطوم ، ولكن الخرطوم ، رفضت طلبات لجهات عدة ابرزها الامم المتحدة بالتراجع عن قرارها ، ولم تعر الامر اهتماما وهي تحذر من بقي من المنظمات من نفس المصير ، واتهم مفوض العون الانساني حسبو محمد عبدالرحمن ، حينها ، وفي مؤتمر صحفي عقده بالخرطوم ، تلك المنظمات الاجنبية بالخروج عن سياق مهامها ووظائفها .
وفرضت الحكومة اجراءات قانونية على حركة المنظمات الاجنبية ودخول الياتها ومعيناتها ، خاصة في مناطق النزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق .
وفرضت الحكومة المشكك في الدور الانساني للمنظمات الاجنبية في مناطق النزاعات ما بين تقديم الدواء والكساء والسلاح ، واتهامها لها ، أي المنظمات الاجنبية ، بانها باتت احد مصادر تمويل وتشوين الحركات المتمردة ، يبدو واضحا في تمسكها في المفاوضات الجارية بينها والحركة الشعبية قطاع الشمال حول المنطقتين ( جنوب كردفان والنيل الازرق ) بان ايصال المساعدات الانسانية للمحتجزين بالمنطقتين يجب ان يكون تحت اشرافها ، فيما تطالب الحركة الشعبية بخروج الحكومة من عمليات ايصال المساعدات الانسانية .
الاربعاء الماضي فتحت السلطات تحقيقا في ملابسات فقدان منظمة الاغاثة الكاثوليكية الامريكية لاجهزة اتصال متطورة بولاية غرب دارفور ، وقال مسؤول رفيع بمفوضية العون الانساني بالجنينة ان السلطات تحقق في شبهة تواطؤ محتملة مع احدي الحركات المتمردة بالمنطقة ، لاسيما وان المنظمة تاخرت بغير مبررات مقنعة في ابلاغ المفوضية والسلطات المختصة بشان الفقدان وملابساته على ضوء قانون العمل الطوعي لعام 2006 والاتفاقية الفنية الموقعة مع المفوضية واللوائح المنظمة للعمل الطوعي بالبلاد ، محذرا منظمات العمل الانساني العاملة بالولاية ، من مغبة التورط في أي اعمال اسناد ودعم للتمرد تحت غطاء العمل الانساني .
يوناميد في مرمي الاتهام
نهاية ديسمبر 2014 ، كشف قادة منشقون عن حركة تحرير السودان فصيل مني اركوي مناوي ، عن تلقي الفصيل دعما لوجستيا وعسكريا من البعثة المشتركة لحفظ السلام اليوناميد خلال الفترة الماضية ، مؤكدين ان الدعم شمل جميع حركات دارفور ولا يزال مستمرا .
وقال القيادي المنشق عن الفصيل ابكر ادم ، في تصريحات صحفية ان البعثة قدمت مساعدات لوجستية ووفرت لهم معلومات امنية عن تحركات قوات الحكومة السودانية ومكنتهم في كثير من الاحيان من تنفيذ هجمات على بعض المناطق بدارفور .
واشار ادم للعملية التي نفذتها الحركة ضد قوات الحكومة السودانية بمعسكر عمار جديد بولاية جنوب دارفور في العام 2013 م ، لافتا الي ان اليوناميد اجتمعت بعناصر من حركة مناوي بمنطقة ابو حمرة ، وقامت بتحريضهم على الدولة وعدم الجنوح للسلام وزودتهم بذخائر ومعلومات حول المعسكر .
واشار ادم الي ان حادثة شنقل طوباي التي شهدها العام 2011م كانت تنسيقا مع اليوناميد ايضا ، مضيفا الي ان البعثة ايضا رفعت تقارير مفبركة عن حادثة اعتداءات الحركات على معسكر كلمة 2011م وزمزم 2013م ، وكذلك عن اعتداءات الفصيل على منطقة مهاجرية وابشي في العام 2012م لافتا الي ان الحركات المسلحة لازالت تعتمد على مساعدات اليوناميد لمعالجة جرحاها ونقلهم عبر الطائرات .
المنظمات من الجنوب الي دارفور
الخرطوم وفق تصريحات سابقة لقياداتها  ، مضت في اتهاماتها للمنظمات الاجنبية بالمساهمة في انفصال جنوب السودان في التاسع من يوليو 2011 ودعم الحركة الشعبية وتردد اسم البارونة البريطانية كوكس ، ومنظمة التضامن المسيحي ، ودمغها بتاجيج ازمة دارفور واثارتها 2003 في برلمانات الدول الغربية ، وتصعيدها حتي اصبحت ضمن حملات المرشحين للانتخابات في بعض دول اوروبا وامريكا .
رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي في ندوة حول ( سر تدهخل الاجنبي والاهتمام الاوروبي بما يجري في السودان ) 2004 ، قال فيها ان ( هناك 21 مطبخا اوروبيا وامريكيا ، يقصد الحكومات ) ليس من بينها مطبخ عربي واحد ، تهتم بقضية السودان وتعد له الطبيخ المناسب له من وجهة نظرها  ، وان السودان اصبح قضية داخلية في العديد من برلمانات البلدان الاوروبية مثل هولندا والمانيا ، وتفتتح جلسات البرلمانات هناك بالحديث عنه قبل الشؤون الداخلية ، لان الكنائس والمنظمات التطوعية التي تعني بالاغاثة هناك تؤثر على الراي العام الداخلي بشكل كبير .
الدعم يتمدد من شريان الحياة
المحلل السياسي ، السفير الرشيد ابوشامة ، لم يستبعد واقعية اتهامات الحكومة للمنظمة الامريكية بالتورط في توصيل تلك الاجهزة للحركات المسلحة وادعاء انها سرقت ، وتساءل لماذا تاخرت المنظمة في البلاغ بسرقة اجهزتها ، مؤكدا ان هناك سوابق كثيرة تساند اتهامات الحكومة للمنظمات الاجنبية بدعم الحركات المتمردة .
ابوشامة ، قال للصحافة ان برنامج شريان الحياة الذي تبناه المجتمع الدولي وخصص لتقديم الدعم للمتاثرين من الحرب بجنوب السودان كان جله يذهب الى المتمرد جون قرنق بجانب الاسلحة والمعينات العسكرية الاخري ، واضاف : كان امدادا عسكريا متواصلا .
ومضي ابوشامة الي ان القوات الدولية بدارفور يوناميد ليست بعيدة من ذلك لافتا الي انها ايضا تساعد الحركات المتمردة للسودان بهدف تفكيك السودان لخمس دول .
الحكومة في سياق تقنين دور المنظمات الاجنبية العاملة بالسودان ، التي تشير تقارير رسمية الي انها تجاوزت المائة منظمة ، طالبت اجهزتها وولاة الولايات بتفعيل برنامج سودنة العمل الطوعي ، وترتيب مشروعات اتفاقياتها مع الامم المتحدة ووكالاتها عبر وزارة الخارجية .
متوكل ابوسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وزير المالية السوداني يتوجه لواشنطن

توجه وزير المالية، د. إبراهيم أحمد البدوي، إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجلس محاف...