محمد آدم محمد
يحتفل السودانيون فى يناير من كل عام بعيد الاستقلال الوطنى، وهى مناسبة قومية يسعى فيها السودانيون في مشارق الأرض ومغاربها للاحتفاء بها. وقد احتفل السودانيون المقيمون بمصر بالذكرى الحادية والستين للاستقلال
بحضور كثيف ضاق به مسرح "الجمهورية" بوسط البلد، بمشاركة عدد كبير من الأشقاء المصريين، وهى لفتة بارعة تجسد تواصلا شعبيا بين السودان ومصر.
يعتبر 19 من ديسمبر1955 ، تاريخا مفصليا، فى البرلمان السودانى، عندما تقدم النائب البرلمانى آنذاك الأستاذ عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكة، من خلال الجلسة البرلمانية، بعد اقتراحات تمت إجازتها. حيث طالب دبكة أعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعا، باسم شعب السودان أن السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة، ونرجو من معاليكم أن تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الإعلان فورا، وأن إعلان الاستقلال من هذا المجلس طبيعي ومشروع وواجب وطني مقدس، بعد أن تجاوز السودان مرحلة الانتقال، وأننا إذ نسجل للحكومتين المصرية والبريطانية، جل تقديرنا لوفائهما بالتزاماتهما في اتفاقية السودان المبرمة بينهما في عام 1953، نأمل جادين أن يسرعا بالاستجابة لهذا النداء الصادر من برلمان الشعب السوداني، واعترافا منهما باستقلالنا التام وسيادتنا الشاملة، هو استقلال كامل لسيادة السودان أرضا وشعبا، وأن يكون نظام الحكم ديمقراطيا، يضمن لجميع السودانيين الحقوق والواجبات من غير تمييز أو محاباة وعدالة اجتماعية.
يذكر في هذا الصدد أنه في العام 1954 تم التوصل مع إدارة الحكم الثنائي لاتفاقية تم الاعتراف فيها بحق تقرير المصير للسودان، وأجريت أول انتخابات عامة في السودان في العام 1954. فاز حزب الاتحادي الديمقراطي (الذي يدعم الوحدة مع مصر) بأغلبية في البرلمان، واختير إسماعيل الأزهري كرئيس لوزراء السودان. ثم جاء يوم 19 من ديسمبر من العام 1955 الذي صوت فيه البرلمان بالإجماع لصالح استقلال البلاد.
ثم جاء قرار مجلس النواب السوداني الذي صدر في السادس من شهر أغسطس من عام 56 والذي يطالب فيه بجلاء القوات الأجنبية قراراً بالإجماع، وفي العاشر من شهر نوفمبر غادر البلاد آخر جندي أجنبي، ونال السودان استقلاله في الأول من يناير عام 1956 ومن يومها أصبح تاريخ الأول من يناير يوماً وطنياً يحتفل به الشعب السوداني بالداخل والخارج، ويوما لاستعادة معاني الوطنية والتضحية والفداء من أجل الحرية بجميع معانيها السامية.
لم يسبق أحد السودانيين في ذاك الوقت بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان، وهي خطوة شجاعة أثبتت آنذاك أن الأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها ومآربها يمكن أن تتوافق عند الشدة، فلم يخرج حزب عن الإجماع الوطني في ذاك الوقت (ويبدو للأسف أن الأحزاب السياسية السودانية لم تكرر تلك اللحظة الوفاقية المضيئة مرة أخرى) وليس أدل علي ذلك من أن القوي السياسية السودانية قاطبة حينها – حاكمين ومعارضين – تضافرت جهودهم والتقت إراداتهم القوية من أجل إعلان الاستقلال، وتشير الصورة المحفورة في ذاكرة تاريخ هذا الوطن إلي أن عملية رفع العلم في باحة القصر الجمهوري صبيحة الأول من يناير 1956 ضمت كل أطياف السياسة السودانية حاكمة ومعارضة، وباتت تلك الصورة رمزا بارزا لمعاني الوطنية ودرسا في العلوم السياسية، ودليلا باهرا على الممارسة الراشدة للحكم والمعارضة في آن واحد، فهذا الدرس التاريخي المشرف، ليس مجرد سطور وكتب للتاريخ، وإنما هو درس إلى أن الإرادة الوطنية في العمل السياسي هي الجوهر والأساس الذي يجب أن تقوم عليه العملية السياسية، في أي زمان وأي مكان ، وهو المغزى الحقيقي لاحتفالات البلاد كل عام بهذه الذكرى منذ واحد وستين عاما .
ويجيء احتفال هذا العام والبلاد تشهد ضربة البداية في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وفقا للالتزام الذي قطعه الرئيس عمر البشير، والذى أكد أكثر من مرة التزام رئاسة الجمهورية بتنفيذ ما تتمخض عنه جلسات الحوار الوطني، باعتبار أن الحوار أضحى قضية وطنية تهم كل أهل السودان، للمحافظة علي الاستقلال وترسيخ سيادة البلاد الوطنية التي جاهد من أجلها اولئك النفر الخلص في الوطنية والأباء.
ويظل من أهم آليات الاستقلال الحقيقي تعزيز قيم الحوار والثقة المتبادلة بين أبناء الوطن الواحد والأشقاء والأصدقاء من دول العالم، وهذا قد لا يحدث بين يوم وليلة وقد يحتاج لأشهر وسنوات، ولكنه علي أية حال أفضل من البحث عن (ضامنين دوليين) إذ لا يوجد في واقع الأمر ما يسمي بالضامن الدولي ولا توجد قوي عظمي أمينة علي حقوق بلدان أخري وحريصة علي سلامتها بقدر أبنائها، ولهذا فإن احتمال الحوار، والحرص علي التوافق الوطني، مهما كانت مصاعبه وسوالبه أفضل وأكثر استدامة من إفساد معاني الوطنية والاستقلال والسيادة الوطنية.
يحتفل السودانيون فى يناير من كل عام بعيد الاستقلال الوطنى، وهى مناسبة قومية يسعى فيها السودانيون في مشارق الأرض ومغاربها للاحتفاء بها. وقد احتفل السودانيون المقيمون بمصر بالذكرى الحادية والستين للاستقلال
يعتبر 19 من ديسمبر1955 ، تاريخا مفصليا، فى البرلمان السودانى، عندما تقدم النائب البرلمانى آنذاك الأستاذ عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكة، من خلال الجلسة البرلمانية، بعد اقتراحات تمت إجازتها. حيث طالب دبكة أعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعا، باسم شعب السودان أن السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة، ونرجو من معاليكم أن تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الإعلان فورا، وأن إعلان الاستقلال من هذا المجلس طبيعي ومشروع وواجب وطني مقدس، بعد أن تجاوز السودان مرحلة الانتقال، وأننا إذ نسجل للحكومتين المصرية والبريطانية، جل تقديرنا لوفائهما بالتزاماتهما في اتفاقية السودان المبرمة بينهما في عام 1953، نأمل جادين أن يسرعا بالاستجابة لهذا النداء الصادر من برلمان الشعب السوداني، واعترافا منهما باستقلالنا التام وسيادتنا الشاملة، هو استقلال كامل لسيادة السودان أرضا وشعبا، وأن يكون نظام الحكم ديمقراطيا، يضمن لجميع السودانيين الحقوق والواجبات من غير تمييز أو محاباة وعدالة اجتماعية.
يذكر في هذا الصدد أنه في العام 1954 تم التوصل مع إدارة الحكم الثنائي لاتفاقية تم الاعتراف فيها بحق تقرير المصير للسودان، وأجريت أول انتخابات عامة في السودان في العام 1954. فاز حزب الاتحادي الديمقراطي (الذي يدعم الوحدة مع مصر) بأغلبية في البرلمان، واختير إسماعيل الأزهري كرئيس لوزراء السودان. ثم جاء يوم 19 من ديسمبر من العام 1955 الذي صوت فيه البرلمان بالإجماع لصالح استقلال البلاد.
ثم جاء قرار مجلس النواب السوداني الذي صدر في السادس من شهر أغسطس من عام 56 والذي يطالب فيه بجلاء القوات الأجنبية قراراً بالإجماع، وفي العاشر من شهر نوفمبر غادر البلاد آخر جندي أجنبي، ونال السودان استقلاله في الأول من يناير عام 1956 ومن يومها أصبح تاريخ الأول من يناير يوماً وطنياً يحتفل به الشعب السوداني بالداخل والخارج، ويوما لاستعادة معاني الوطنية والتضحية والفداء من أجل الحرية بجميع معانيها السامية.
لم يسبق أحد السودانيين في ذاك الوقت بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان، وهي خطوة شجاعة أثبتت آنذاك أن الأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها ومآربها يمكن أن تتوافق عند الشدة، فلم يخرج حزب عن الإجماع الوطني في ذاك الوقت (ويبدو للأسف أن الأحزاب السياسية السودانية لم تكرر تلك اللحظة الوفاقية المضيئة مرة أخرى) وليس أدل علي ذلك من أن القوي السياسية السودانية قاطبة حينها – حاكمين ومعارضين – تضافرت جهودهم والتقت إراداتهم القوية من أجل إعلان الاستقلال، وتشير الصورة المحفورة في ذاكرة تاريخ هذا الوطن إلي أن عملية رفع العلم في باحة القصر الجمهوري صبيحة الأول من يناير 1956 ضمت كل أطياف السياسة السودانية حاكمة ومعارضة، وباتت تلك الصورة رمزا بارزا لمعاني الوطنية ودرسا في العلوم السياسية، ودليلا باهرا على الممارسة الراشدة للحكم والمعارضة في آن واحد، فهذا الدرس التاريخي المشرف، ليس مجرد سطور وكتب للتاريخ، وإنما هو درس إلى أن الإرادة الوطنية في العمل السياسي هي الجوهر والأساس الذي يجب أن تقوم عليه العملية السياسية، في أي زمان وأي مكان ، وهو المغزى الحقيقي لاحتفالات البلاد كل عام بهذه الذكرى منذ واحد وستين عاما .
ويجيء احتفال هذا العام والبلاد تشهد ضربة البداية في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وفقا للالتزام الذي قطعه الرئيس عمر البشير، والذى أكد أكثر من مرة التزام رئاسة الجمهورية بتنفيذ ما تتمخض عنه جلسات الحوار الوطني، باعتبار أن الحوار أضحى قضية وطنية تهم كل أهل السودان، للمحافظة علي الاستقلال وترسيخ سيادة البلاد الوطنية التي جاهد من أجلها اولئك النفر الخلص في الوطنية والأباء.
ويظل من أهم آليات الاستقلال الحقيقي تعزيز قيم الحوار والثقة المتبادلة بين أبناء الوطن الواحد والأشقاء والأصدقاء من دول العالم، وهذا قد لا يحدث بين يوم وليلة وقد يحتاج لأشهر وسنوات، ولكنه علي أية حال أفضل من البحث عن (ضامنين دوليين) إذ لا يوجد في واقع الأمر ما يسمي بالضامن الدولي ولا توجد قوي عظمي أمينة علي حقوق بلدان أخري وحريصة علي سلامتها بقدر أبنائها، ولهذا فإن احتمال الحوار، والحرص علي التوافق الوطني، مهما كانت مصاعبه وسوالبه أفضل وأكثر استدامة من إفساد معاني الوطنية والاستقلال والسيادة الوطنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق