قبيل ساعات على بداية انتخاب رئيس جديد للولايات
المتحدة الأمريكية، يترقب العالم باهتمام كبير من الذي سيفوز بأغلبية الأصوات. في
العالم العربي يواجه ترامب انتقادات بسبب مواقفه ضد المسلمين وتصريحاته العنصرية.
لا تفصل الأمريكيين سوى ساعات عن يوم "الثلاثاء الكبير"
وهو اليوم الذي ستُحسم فيه المعركة الانتخابية الشرسة بين المرشحة الديمقراطية
هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري دونالد ترامب. ويعتبر الكثيرون ومنهم أوباما، أن
لدى هيلاري كلينتون مؤهلات من أقوى المؤهلات التي تقدم بها أي مشرح حتى الآن لنيل
منصب الرئيس الأمريكي، فقد كانت في يوم من الأيام السيدة الأمريكية الأولى، وكانت
عضوا في مجلس الشيوخ ووزيرة للخارجية وهي واحدة من السياسيات والسياسيين المُلمين
ببواطن الأمور في واشنطن، كما تمتلك خبرة سياسية واسعة. وبينما يمكن توقع شكل
السياسة الخارجية المستقبلية لكلينتون من خلفية توليها لمنصب وزيرة الخارجية، يصعب
ذلك بالنسبة لترامب الذي يعتبرالمرشح الرئاسي الأكثر إثارة للجدل في تاريخ
الولايات المتحدة. ترامب اشتهر كرجل أعمال وليس له الخبرة السياسية . وسبق أن صرح
ترامب أن سياسته الخارجية ستكون مبنية على مبدأ "أمريكا أولا" وأن
"مصالح الأمريكيين والأمن الأمريكي فوق كل شيء". فكيف تنظر الدول
العربية إلى ما ستفرزه نتائج الانتخابات
في حال فوز كلينتون أو ترامب؟ وكيف ستتأثر مصالحها - إيجابيا أو سلبيا -
عند تولي أحدهما منصب الرئاسة الأمريكية؟
العراق قاسم مشترك كيفما كانت النتائج
فيما يتعلق بالعراق فليس لترامب مواقف واضحة رغم أنه
سبق له أن انتقد الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003 معتبرا أنه ساهم في حالة عدم
الاستقرار والفوضى في الشرق الأوسط. لكن في مقابلة سابقة تعود لسنة 2002 سئل عما
إذا كان يؤيد الحرب في العراق فأجاب "نعم أعتقد ذلك". وفي نفس الوقت عبر
عن حسرته لرحيل صدام حسين عن السلطة مشيرا إلى وجود رابط بين سقوطه وتقوية أعمال
الإرهاب في العراق.
حاليا ينتقد ترامب السياسة الخارجية في العراق ويؤكد
أنه سيتعاون بشكل أكبر مع الأكراد، كما صرح بأنه "لن يكون هناك أحد أشد بطشا
بداعش مثله".
هيلاري كلينتون من جهتها تبدي مواقف مؤيدة لدور
القوات الكردية ولأدائها لكن تورطها في حرب العراق - حيث صوتت كعضوة في مجلس
الشيوخ آنذاك على قرار بهذا الشأن - عرضها لانتقادات كبيرة مما دعاها إلى تقديم
اعتذار عن ذلك لاحقا. وبشكل عام فمن المتوقع أن تسير كلنتون سياسيا على خطى أوباما
في العديد من الملفات الإقليمية ومنها العراق. ويرى إدموند غريب أستاذ العلاقات
الدولية بجامعة واشنطن في مقابلة أجرتها معه DW
عربية أن العراق يعتبر بالنسبة لواشنطن من
أهم القضايا على الساحة الأمريكية. وبغض النظر عن الاختلاف في وجهات النظر بين ترامب
وكلينتون، فإن أن القاسم المشترك سيتجلى في مواصلة الحرب على الإرهاب.
كيفما كان أسم الفائزة بالرئاسة الأمريكية فلن يكون
هناك تغيير في المواقف المؤيدة للسياسات الإسرائيلية
مواقف متباينة في الموضوع السوري
فيما يتعلق بأزمة اللاجئين لا يخفي ترامب مواقفه الرافضة،
حيث سبق أن هاجم الرئيس باراك أوباما، وتعهد بإعادة كل اللاجئين السوريين الذين
استقبلتهم الولايات المتحدة في حال انتخابه رئيسا للبلاد. وصرح أنه يريد إقامة
مناطق آمنة في سوريا وهو ما تصرح به كلنتون أيضا والتي تؤيد تدخلا أمريكيا أكبر في
سوريا. كما تدعو كلينتون إلى الرفع من عدد اللاجئين الذين تستقبلهم الولايات
المتحدة من مستوى 10 آلاف إلى 65 ألفا سنويا.
المواقف بين المرشحين تتباين بشكل أكبر فيما يتعلق
بموضوع بسوريا. فترامب لا يريد أن تتدخل بلاده بشكل أكبر في سوريا، كما يعتبر مصير
بشار الأسد نقطة ثانوية ويعطي الأولوية لمهمة محاربة الجماعات الإرهابية، أما
كلنتون فتعبر عن دعمها للمعارضة السورية وتود لعب دور أكبر في الملف السوري. ويقول
خطار أبو دياب، باحث وأستاذ في العلاقات الدولية في باريس، إن التفاوض بين الرئيس
الروسي فلاديمير بوتين وترامب سيكون أسهل من التفاوض مع كلينتون.
تشابه المواقف في النزاع الفلسطيني
الإسرائيلي
هذا الملف له أيضا أولوية بالنسبة للأمريكان. ويقول
غريب إن هناك إجماعا على أن كلا من كلينتون أو ترامب سيستمران في دعم إسرائيل على
خطى من سبقهم في منصب الرئاسة. ويضيف في هذا السياق: "مواقف ترامب تبدو
متناقضة فهو يقول من جهة، إن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون محايدة إن هي
أرادت بالفعل أن تكون وسيطا في هذا النزاع، ومن جهة أخرى فهو يصرح أيضا كغيره
بضرورة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس". أما كلنتون فقد كانت واضحة في
دعمها الواضح لإسرائيل، حيث سبق أن تدخلت، عندما صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما
مرة بأنه سيضغط على الإسرائيليين، كما يلاحظ الخبير غريب.
USA Donald Trump trifft al-Sisi (Getty
Images/AFP/D. Reuter)
على عكس العديد من الدول العربية تأمل مصر في فوز
المرشح ترامب بمنصب الرئاسة
دول الخليج تفضل هيلاري كلينتون
فيما يتعلق بدول الخليج يقول أبو دياب إن العلاقة بين
واشنطن ودول الخليج بشكل عام وخصوصا السعودية تراجعت لأن الولايات المتحدة لم تعد
تعول كما في السابق على السعودية فيما يخص النفط الصخري أوالغاز. ورغم أن الاتفاق
النووي مع إيران أثار غضب السعوديين فإن هذه العلاقة تعتبراسترتيجية بالنسبة
للطرفين بصرف النظر عن انفتاح كل منهما على أطراف أخرى مثل الصين وروسيا والاتحاد
الأوروبي وإيران.
وقد سبق أن هاجم ترامب دول الخليج معتبرا أن "لا
وجود لها بدوننا" وقال إنها لا تقوم بشيء ولا تملك أي شيء سوى الأموال. ويوضح
غريب أن ترامب صرح أكثر من مرة أنه على دول الخليج دفع تكاليف حمايتها من طرف
الولايات المتحدة. ورغم هذه التصريحات لا يتوقع الخبير السياسي أن تتأثر العلاقات
مع دول الخليج لأن قرارات الرئيس ليست حاسمة، ويلاحظ في هذا السياق :"قد تؤثر
توجهات الرئيس إلى حد ما لكن القرار ليس بيده لوحده، فالإعلام وأصحاب المصالح
والكونغرس ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع وغيرها... كلها أطراف
تساهم في صناعة القرار الامريكي". أما أبو دياب فيعتبر أن دول الخليج والدول
العربية بشكل عام تفضل فوز كلينتون من خلفية تجربة تلك الدول معها وتعرف منهجها،
كما كانت تربطها علاقات صداقة مع زوجها بيل كلينتون.
ماذا يتوقع العرب والمسلمون من ترامب وكلينتون؟
الانتخابات الأمريكية الأخيرة جذبت اهتمام العرب
والمسلمين بشكل كبير، إذ أن العديد من القضايا الساخنة في الشرق الأوسط قد تكون رهينة
سياسة أمريكية مختلفة، في ظل التناقض الكبير بين الرؤى السياسية للمرشحين
الرئيسيين. (08.06.2016)
هل ينجح الأمير القوي في رأب الصدع بين
واشنطن والرياض؟
توافق وتضارب في المواقف بشأن الشمال الإفريقي
عندما عبر ترامب عن حسرته لرحيل صدام حسين تحسر أيضا
على رحيل معمر القذافي، معتبرا أن العالم كان سيكون أفضل، واعتبر أنه لو بقيا في
الحكم لعملا على محاربة الإرهاب في العراق وفي ليبيا بفعالية كبيرة. وفي هذا
السياق يرى أبو دياب أن مصر على عكس بقية الدول العربية تود فوز المرشح ترامب
برئاسة الولايات المتحدة، بعد أن وعد هذا الأخير بنهج موقف أكثر تشددا مع
الإسلاميين، وهذا ما يريده السيسي أيضا. ولهذا يعتبرالخبير غريب أن التنسيق الأمني
مع مصر فيما يتعلق بالملف الليبي سيكون أقوى في حال وصول ترامب إلى السلطة. أما
كلينتون فهي توجد في وضع حرج في موضوع ليبيا، كما يقول أبو دياب، "فهي تتحمل
مسؤولية هجمات بنغازي التي استهدفت الديبلوماسيين الأمريكيين في بنغازي سنة 2012،
وهذا ما سيضع على عاتقها مسؤولية إضافية لإبداء التزام أكبر في الملف
الليبي". أما فيما يتعلق بباقي دول شمال افريقيا فيرى أبو دياب أن كلينتون لن
تغير من نهجها السياسي الحالي تجاه كل من المغرب وتونس والجزائر. وفي حال فوز
المرشح ترامب فمن المحتمل أن يزيد مستوى التعاون الإقتصادي مع الجزائر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق