تطورات متلاحقة دفعت بالملف الي السطح من
جديد ، من بينها الاتفاق السعودي المصري حول جزر (تيران ) و (صنافير ) على البحر
الاحمر .
وخلال الثماني واربعين ساعة الماضية بدت
تطورات الملف اكثر سرعة ..الحكومة السودانية سارعت الي اعلان مخاطبتها الحكومة
المصرية رسميا بحسم الملف او وضعه على طاولة التحكيم الدولي .
وبالمقابل بدت الحكومة المصرية غير عابئة
بمطالب الخرطوم ، وتمثل ذلك في رفض وزارة الخارجية المصرية التعليق على الطلب
مؤكدة ان حلايب مصرية .
ووصول الملف الى هذا المنحني ربما يشير
الي حدوث ازمة حقيقية بين البلدين في الايام المقبلة .
خيار الخرطوم الذي وجهته الي القاهرة يؤكد
حرصها على حسم الملف في اطا رالبلدين وصولا الي تسوية عادلة تنهي الجدل القائم
بشان الملف ، وحال فشل ذلك لوحت الخرطوم صراحة بلجوئها الي خيار تدويل الملف عبر
ايدواعه الطاولة الاممية ، ويرتهن الملف برمته منذ استقلال البلاد منتصف ستينات
القرن الماضي الي المسكنات في اطار العلاقات القوية التي ظلت تربط البلدين ، رغم
ان السودان ظل يؤكد حقه في المثلث منذ استقلاله ، عندما اودع مجلس الامن مذكرة
رسمية في عام 1958م ، اكد فيها حقوقه السيادية على منطقتي حلايب وشلاتين وظل
يجددها دوريا .
ودفعت الاتفاقية السعودية المصرية حول
تسوية ملف جزيرتي تيران والصنافير على البحر الاحمر ، الي توجس الساسة في الخرطوم
، وبدا قلقها واضحا حول حدوث تسويات مماثلة تمس سيادة المنطقتين ، مما دفعها الي
الاسراع امس الاول الي مخاطبة القاهرة بلهجة ودية لا تخلو من التهديد تضمنتها
دعوية لتسوية الملف ، بيد ان رد القاهرة ربما يستفز الخرطوم مما قد يدفعها الي
خيارها الثاني وهو اللجوء الي التحكيم الدولي ، لتكون القوانين والمواثيق الدولية
هي الفيصل في الملف .
وتنظر الخرطوم هنا الي ملفات تمت تسويتها
بطرق مماثلة من بينها ملف طابا التي عادت الى السيادة المصرية عقب حكم صدر من لجنة
تحكيم دولية استمرت مرافعات الطرفين فيها قرابة ثلاث سنوات ، قبل ان تعود المدينة
الاستراتيجية الي السيادة المصرية .
ومن جهة اخري اثارت تفاهمات الرياض
والقاهرة حول الجزيرتين قلقا واضحا لدي الخرطوم ، وظهر ذلك من خلال حرص الاخيرة
الكامل على المتابعة الدقيقة لهذا الاتفاق ، ومثار القلق هو عدم الاعلان الكامل
لتفاصيله ، والتخوف من ان يمس حقوق السودان السيادية التاريخية والقانونية في
منطقتي حلايب وشلاتين وما يجاورهما من شواطئ .
وحسب دكتور عادل حسن مدير مركز العلاقات
الدولية بالخرطوم فان الملف مرهون بتوفير الارادة السياسية وترتيب الاولويات حول
المصالح المشتركة بين البلدين ، فهي في النهاية التي تحدد مسارات التسوية في هذا
الاطار ، وتوقع ان تظل المطالبة بالتفاوض المباشر او اللجوء الي التحكيم الدولي
لفترة حول هذين الخيارين بالنسبة الي السودان ، لكن قد يطرا مسار ثالث توفيقي يمكن
ان يعيد الملف الي وضعه السابق بدلا من محاولات التصعيد .
وقال في حديثه لـ الانتباهة ان القضية
ليست بعيدة عن التغييرات حول الاقليم ، فهنالك عدة ملفات متداخلة اثرت علي ملف
حلايب وشلاتين من بينها ما يتعلق بالعلاقات الاثيوبية المصرية (ملف سد النهضة )
لكن قد يتراجع وفقا لمتغيرات قد تطرا وبالتالي محاولة بحث المصالح المشتركة عبر
مسارات اخري ، مشيرا الي ان كل الوثائق التاريخية تؤكد احقية السودان في حلايب .
وابان ان سياسة السودان الواضحة هي ان
التحكيم هو اعلي سقف يمكن التحرك في اطاره لتسوية الملف .
واستنادا الي بروفيسور الساعوري استاذ
العلوم السياسية المعروف ، فان مصر سترفض التحكيم لانها لا تملك ادلة ووثائق تثبت
ملكيتها لحلايب ، لذلك لن تقبل به ، وقال الساعوري في حديثه لـ الانتباهة ان امام
الخرطوم ثلاثة خيارات لا ثالث لهما ، وهي اللجوء الي القوة الناعمة عبر مسار
تفاوضي وتحكيم دولي ، او استخدام القوة الخشنة ، او استخدام القوانين الناعمة
والخشنة معا ، بينما اعتبر بروفيسور حسن مكي تلويح الحكومة باللجوء الي التحكيم
الدولي مجاملة واستبعد في حديثه لـ الانتباهة أي تحرك حقيقي من جانب الخرطوم بشان الملف .
وراي القاهرة الرسمي لم يبدا واضحا الا ان
تعميمات وتجاهل طلب الخرطوم الرسمي كانت السمة الغالبة على تصريحات رسميين
واكاديميين مصريين بخضوض الملف ، مما يجعل الباب مواربا امام العديد من التكهنات
من بينها بالطبع حدوث حالة توتر في العلاقة بين البلدين ، الي حين النظر في تسوية
نهائية وعادلة للملف .
انعام عامر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق