دفعت ولايات جنوب كردفان
والنيل الازرق ودارفور ، فاتورة غالية بسبب الحرب وكانت نتيجتها التدهور في كافة
المجالات ، ودمرت الحرب كسب العيش لأغلبية السكان وإخراج قطاع كبير منهم من دائرة
الإنتاج ، وتعطيل مقومات الاقتصاد ، وصار الوضع في هذه الولايات لايشبه باي حال من
الأحوال إمكانيات هذه الولايات وأهل الولاية ، وتقطعت السبل والآمال في نهاية
الوضع المتوتر وبداية جديدة وسعيدة لمواطني هذه المناطق ، إلا أن توقيع قوى المعارضة
على (خارطة الطريق) الأفريقية في أديس أبابا فتح الباب واسعا أمام إنهاء الحرب ،
وبدأ الاتجاه نحو تحقيق سلام شامل في البلاد ، لإجماع القوى السياسية على أهمية
السلام وتحقيق التنمية في السودان ، في وقت وصفت فيه القطاعات والأحزاب توقيع
المعارضة على( خارطة الطريق ) بأنه حدث
تاريخي .
وحسب
خبراء اقتصاديين ، فإن الأستقرار السياسي والأمني سوف يمهد لاستقرار اقتصادي ويسهم
في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية ، لأن رأس المال جبان ، وأكدوا أن توفير
الأمن سيساعد في زيادة الانتاج والإنتاجية بعودة المشاريع التي توقفت ، خاصة أن
فترة الحرب شهدت خروج عدد كبير من دائرة الإنتاج
في مجالات (الزراعة ، الصناعة ، النفط ، التعدين والتجارة) .
وكانت
الأزمة في هذه الولايات أسهمت بتأثيرات اقتصادية بعيدة المدى تراكمت تفاعلاتها على
مدار ال(13) سنة الماضية وأسهمت في تغيير المعدلات ، وكان لهذا أثره السلبي على
مؤشرات الأقتصاد الكلي وتركيبة الناتج
القومي الإجمالي للبلاد ، كما أثر في بنية الاقتصاد السوداني لما نتج من اختلال
أولوياته بفعل توجيه موارد الموازنة العامة لخدمة أجندة عميقة وهيكلية ، ماأسهم في
تشوهات الاقتصاد السوداني لدفع فاتورة الحرب على حساب التنمية.
وتركيز
قاعدة الاقتصاد في الولايات على الزراعة والرعى ، بجانب التجارة التي تنشط بحجم
مقدر محليا في الحدود . وحسب المتابعات ،
تشهد بحجم هذه الولايات توفر إمكانيات ضخمة . حيث عرفت لفترة طويلة بانها من أهم
مصادر الثروة الحيوانية في السودان سواء لأسواق الصادر أو الاستهلاك المحلي ،
وشهدت سنوات الحرب في دارفور تراجعا ملحوظا في الأسواق وتدني النشاط التجاري
والزراعي منذ بداية سنوات الحرب . حيث أسهمت الحرب في ايقاف عدد كبير من المشاريع
وإغلاق عدد كبير من المصانع لعدم توفر
استقرار أمني في هذه الولايات ، وأحداث سنوات الحرب تحولات وتسببت في تدهور القطاع
الزراعي بصفة أساسية في تراجع الآمن الغذائي . حيث تحول الإقليم على مدى سنوات
النزاع من مكتف إلى إقليم يعتمد على المساعدات الغذائية من إنتاج المحاصيل
الغذائية لوضع أصبح فيه نصف السكان تقريبا.
مردود
على التنمية
وأكد
مراقبون أن التوقيع على (خارطة الطريق) سوف يؤدي إلى وقف الحرب ، وسيكون له مردود
إيجابي على التنمية والاستقرار والوفاق ، وأضحوا أن فاتورة الحرب ‘ ستتحول مباشرة
إلى الخدمات التعليمية والصحية والزراعية وغيرها ، خاصة أن من خلاله سيتحقق السلام
الأجتماعي ، واعتبره مراقبون حدثا تاريخيا مهما ، ومؤشرا على وعي السودانيين في
معالجة قضاياهم بالحوار والتوافق .
تمهيد
لاستقرار اقتصادي
وأكد
الخبير الاقتصادي ، د. محمد الناير ، الاستاذ المشارك في جامعة المغتربين ، أن
توقيع المعارضة على (خارطة الطريق ) من المؤكد انه خطوة في بداية لتحقيق الاستقرار
السياسي والأمني ، وقال إن التوقيع ستتبعه خطوات أخرى في النقاش المباشر بين الوفد
الحكومي والحوار الوطني في مؤتمر العام للحوار الذي حدد له 10 أكتوبر المقبل .
وأضاف
الناير ، في حديثه ( الرأي العام) ، أمس ، أن كل هذه الأشياء مؤشرات لتحقيق
استقرار أمني وسياسي يمهد لتحقيق استقرار اقتصادي ، تابع : لكن هنالك حديث تداوله
الإعلام بخصوص تراجع الدولار أنه لم يحدث بهذا الشكل ، ونوه إلى أنه من خلال
التجارب فإن السوق في الاتجاه العكسي ، واعتبره سمة الاقتصاد السوداني والسوق
الموازي بالذات .
وأكد
الناير أن التوقيع خطوة وله مدلولات تجعل من السوق في الوقت الراهن يستقر ، كما
يحدث استقرار نسبي في اسعار السلع رغم استقرارها في معدلات مرتفعة ، وأكد أن
الحديث عن انخفاض أسعار الدولار يظل مرتبطا بالإنتاج والإنتاجية وتحقيق نجاح مقدر
في حجم الصادرات وإحلال الواردات وتضييق حجم معدل التضخم .
وأعتبر
توقيع المعارضة على (خارطة الطريق) خطوة ستؤثر إيجابيا على الاستقرار السياسي
والأمني الذي يتبعه استقرار اقتصادي . وأكد أن إيقاف الحرب سيضمن توجيه صرف ماكان
يصرف على الحرب للتنمية ليكون داعما لنمو الاقتصادي.
أهمية
الأمن للأستثمار
بدوره
أكد الخبير الاقتصادي ، هيثم محمد فتحي ، عضو هيئة المستشارين بمجلس الوزراء ، أن
الاستقرار الأمني من أهم المحفزات الجاذبة للإستثمار ، وقال : من هذا المنطلق نجد
أنه بتوقيع المعارضة المسلحة والمدنية على (خارطة الطريق) قبل يومين ستضع الحرب
أوزارها وتجعل من السودان دولة جاذبة للإستثمارات الأجنبية ، نظرا للموارد الهائلة
والمناخ الجاذب للأستثمار الذي يتمتع به السودان ، أضاف بأن إنهاء الحرب في أطراف
السودان ستكون له انعكاسات على الاستثمارات والاقتصاد القومي للتوقعات بدخول
العديد من المستثمرين للاستثمار في كافة المجالات .
وأكد
فتحيل (الرأي العام) ، أمس ، أن الاستقرار الأمني والسياسي سيزيد من فرص تلك
الاستثمارات ويزيد من فرص التنمية فيها وإعادة الاستقرار لمواطنيها وتمتعهم
بالخدمات الضرورية ، وأوضح أن الاستقرار سيسهم في إنشاء العديد من المشاريع
الجديدة في البنية التحتية من طرق وكباري وبناء جسور ، لأن هذا يجعل الاستثمار
جاذبا في كل المجالات .
وتابع:
لايختلف اثنان حول أهمية الاستثمارات القصوى على الاقتصاد السوداني ، خاصة أن
الاستثمارات تسد فجوة الادخار الداخلي في تمويل التنمية الاقتصادية . وأكد أهمية
الاستثمارات الأجنبية التي تنقل السودان بجلب التكنولوجيا الحديثة في كل القطاعات
، واعتبرها من الانعكاسات الايجابية للاستثماات عموماً وطنية أو اجنبية تسهم
بالقدر الكبير في توظيف وتشغيل العمالة السودانية . حيث تسهم هذه الاستثمارات في
حل مشكلة البطالة في سوق العمل المحلى ، وأكد أن الاستثمارات تسهم أيضا في نمو
الناتج المحلى الإجمالي .
وقال
إن الزراعة في السودان لها اهمية كبرى ، خاصة أن السودان يعد ضمن ثلاث دول تسهم في
حل مشكلة الغذاء العالمي حتى يتمكن السودان من أن يكون سلة غذاء العالم ، وقال إن
الأستثمارات في مجال التعدين والبترول على وجه الخصوص كثير وتوجد في بعض مناطق
النزاع خاصة في جنوب كردفات والنيل الأزرق ودارفور .
الالتفات
لقضايا التنمية
من
ناحيته ، قال محمود عابدين صالح ، المنسق العام لحركة اللجان الثورية : نحن سعداء
بالتوقيع على خارطة الطريق التي تعد إنجاز مهما للفرقاء السودانيين . أشار إلى أن
قضايا التنمية والتهميش لايمكن حلها إلا عبر الحوار ، وأضاف بأن الشعب السوداني
كله يرحب بهذا الاتفاق التاريخي ، ونأمل أن يؤدي إلى رؤية استرتجية مشتركة بين
كافة القوى السياسية السودانية لإيجاد حلول للمشاكل والمهددات التي تواجه الوطن .
وتابع
بانه من المؤكد ان هذا الاتفاق سيمثل قوة دفع للحراك السياسي الايجابي والاتفاق
على إدارة الصراع السياسي السلمي في البلاد ، واشاد بمبادرة رئيس الجمهورية عمر
البشير التي وصفها بانها هيأت المناخ لهذا
الاتفاق ، واشاد بكل الحادبين على مصلحة البلاد ، الذين أخدوا على عاتقهم تنفيذ
مهمة التصالح الوطني .
أيمن
مساعد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق